رسالة مفتوحة إلى السيد حسن نصر الله

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد حسن نصر الله المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إني أعد نفسي بكل تواضع من المؤيدين لحزب الله في مواقفه السياسية وكفاحه المتميز رغم أني لست من حيث المبدأ ممن يدعم فكرة أي حزب ديني مهما كان شكله ذلك لأن الحزب الديني لا يمكن إلا أن يكون مذهبياً وكل مذهبية تدفع للتحزب على أسس ليست عقلانية أحياناً ومحرجة أحياناً أخرى.
ولا اريد، بل لا يليق بي أن أحاول، أن أكون واعظاً لمن قاد ويقود حركة نضال يفخر أي إنسان حر يعيش في عصر هيمنة العولمة الصهيونية أن يقف خلفها….
لكني من باب حرصي المطلق على ديمومة سلامة وصدق الحركة ومنعاً لأن يراود أي مدافع عنها شك أكتب لكم معاتباً حول موقفكم من حكومة العراق لأني أجده غير متفق مع مبادئكم ومسيئاً لكم في أفضل حال مما يقتضي تذكير الصديق قبل غمز العدو.
ذلك أني أتابع منذ وقت، ولا شك أن هذا لم يغب عن الكثيرين من أمثالي وإن سكتوا عنه، أنكم تولون بعض أقطاب النظام السياسي في العراق حفاوة وتكريما فتدعون أحمد الجلبي لمؤتمر وطني في لبنان وتعطون ابراهيم الجعفري منبراً في المنار ليتعب الناس بأسلوبه الممجوج في استعمال كلمات في جمل غير مفيدة وتعرضون تصريحات نوري المالكي وكأنه رجل العروبة الصادقة في العراق وغيره مما يدفع أصدقاءكم وحلفاءكم لإيجاد الأعذار لكم حتى تعبوا لأنها لم تعد مقنعة ولا مجدية.
وربما كان المتابع ليفهم لو أن هؤلاء دعوا لمجلس عزاء حسيني أو حلقة دينية يحضرونها بسبب انتمائهم الشيعي، سواء أكان ذلك صدقاً أم رياء فتعالى وحده يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لكنهم كانوا يدعون لمجالس سياسية تتعلق بكرامة الإنسان العربي التي داستها الصهيونية في غزوها وخرابها للعراق، وكان هؤلاء الذين تقربون وترفعون، وما زالوا، خدماً في ذلك المشروع الصهيوني! وهم جاؤوا جميعاً على ظهر الدبابة الصهيونية التي غزت بغداد كما غزت بيروت من قبل. فإذا كنتم لا تتحالفون مع من وقف مع الدبابة التي غزت بيروت فكيف تتحالفون مع من جاء على ظهر الدبابة الصيهوينة التي غزت بغداد؟
فهل يوجد أيها السيد الكريم في حزب الله أحد تصل به السذاجة السياسية حداً يعتقد فيه أن من بين هؤلاء من يمكن صلاحه وعودته للصواب وإذا كان ذلك ممكناً ألا يجب عليه أن يتوب الى الله توبة نصوحاً قبل أن يتم تقريبه فكيف الحال وهم ما زالوا في حضن الصهيونية!
إن تأريخ الحركات الدينية التي تلعب دوراً في السياسة في العراق اليوم كلها ودون استثناء وأيا كان مذهبها تأريخ مشين وسيء وخائن ومجرم بحق العراق والأمة العربية والإسلامية. فلا حزب الدعوة ولا المجلس الأعلى ولا الحزب الإسلامي وكل الذيول التي معهم يمكن أن يشير الى موقف سياسيي واحد يستطيع أن يشفع له في الدنيا أو الآخرة.
وقد يكون لكم موقف من بعث العراق، رغم أنكم ليست لديكم مشكلة مع بعث سوريا وكلاهما بعث، إلا أن هذا لا يمكن أن يغطي حقيقة أن سبب خراب العراق على يد الصهوينة كان موقف بعث العراق المعادي للصهيونية، والذي تحاول الصهيونية عمله في سوريا اليوم، ذلك لأن المشروع الوحيد الذي شكل ويشكل خطراً حقيقياً على الصهيونية هو المشروع القومي العربي وليس المشروع الديني ودليل ذلك أن الصهيونية تحتضن اليوم كل الحركات الدينية التي نتجت عن ما يسمى عدواناً بالربيع العربي ذلك لأن الصهيونية على يقين أن تلك الحركات لا تشكل أي خطر عليها!
وأمس قرأت خبراً على موقع قناة المنار الإلكتروني ذكر مرة واحدة ثم رفع، مما أثار استغرابي وكأن أحدا أشار بضرورة رفعه لأنه فضيحة كبيرة…. ومنطوق الخبر هو أن حكومة العراق منعت طائرة من كوريا الشمالية أن تعبر أجواء العراق في طريقها الى سوريا بحجة أن تكون حاملة لأسلحة كوريا لسورية!
وأول ما يثير السخرية هو أن الحكومة التي يقبع أكبر شجاع فيها في المنطقة الخضراء ولا يغادرها إلا بحراسة مئات من قطاع الطرق وشركات الحراسة الأوربية، أن حكومة كهذه لا تمتلك المقدرة على حماية نفسها ناهيك عن حماية شعبها تدعي أن لها مقدرة في السيطرة على أجوائها ومنع من يطير فيها… إن الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن العراق ليست له سيادة لا على أرضه ولا على مائه ولا على أجوائه وان أجواء العراق منذ الغزو الصهيوني بيد الصهاينة…ويحضرني هنا بيت الشبيبي الخالد:
المستشار هو الذي شرب الطلا فعلام يا هذا الوزير تعربد
فعلام تعربد يا نوري؟ أليس من الأليق بك أن تسكت وتجعل أسيادك يمنعون ويقضون في السر والعلن كما يشاؤون؟
أم أنك أجبرت على التصريح ليعلم القاصي والداني أين يقف العراق الرسمي من المؤامرة على سورية والمقاومة؟
أليس هذا التصريح الرسمي من العراق إشارة للمقاومة اللبنانية أن مصيراً مشابهاً قد ينتظرها إذا شاءت الصهيونية أن تمنع السلاح من أن يصلها من إيران عن طريق سورية بمنعه من العبور فوق العراق بعد اليوم؟
فإذا احتج أحد بأن العراق ينأى بنفسه كما يدعي المنافقون في لبنان من أمثال ميقاتي وسليمان فتلك دعوى مردودة لأسباب عديدة يطول الحديث فيها ومنها :
– أن العراق لا يقدر على منع تهريب السلاح والمقاتلين من أراضيه وعبر أراضيه، فهو بهذا لا ينأى بنفسه بل يساهم في السماح لطرف باستغلاله في المؤامرة،
– وأن سورية دولة ذات سيادة ولها الحق وفق القانون الدولي في تسليح نفسها كما تشاء وأي منع لها في هذا المجال يشكل عدواناً عليها، أي أن العراق في منعه سورية من تسليح نفسها يعتدي عليها،
وغيرها كثير..

أيها السيد الفاضل لقد آن الأوان أن تتوقفوا عن هذه الإزدواجية في التعامل مع حكومة الخونة في العراق. لاتعطوهم فرصة لتلميع صورهم القبيحة، ولا يكونن تشيعهم مسوغاً لذلك، فهم سبة وعار عليكم.. كما آن الأوان أن يتوقف بعض السوريين واللبنانيين في الحديث عن كون بغداد في محور المقاومة والممانعة. فبغداد منذ الإحتلال الصهيوني في 2003 هي في محور الصهيونية وهذه طبيعة كل احتلال ونتيجة كل شعب يرضى بالإحتلال ويصوت له، وبين بغداد وبين الصهيوينة اتفاقيات أمنية وعسكرية لا يعرف ابعادها إلا الذين وقعوا عليها. فهل ان الصهيونية احتلت العراق لكي تحوله الى قاعدة ضدها؟ وأي جاهل يعتقد كذلك؟ فحتى حكم نوري السعيد والذي كان موالياً للغرب بالكلية كان أكثر ممانعة للصهيونية من حكم اللطامة والصحوة والبشمركة الساقط في بغداد!
وبغداد لن تعود للمانعة والمقاومة إلا بعد أن تلفظ آخر وجود أمريكي صهيوني على أرضها بالكامل ليس بالوجود العسكري حسب وإنما بكل أشكاله الفكرية والإجتماعية والإقتصادية ذلك لأن ألف عام من التوبة لن تكفر عن خطايا الأمريكيين في العراق….
وحين تلفظ بغداد كل الوجود الأمريكي فسوف تلفظ معه كل السياسيين الذين شاركوا في العملية السياسية منذ 2003 وحتى زوال الصهاينة عن العراق لأن كل أولئك السياسيين هم خدم وأجراء وضيعين للصهيوينة مهما نبحوا في التلفاز والإذاعة ومهما لمعوا من عمائم السوء التي يضعونها على رؤوسهم متشبهين بأهل البيت الأطهار وهم، أي أهل البيت، أكبر وأعز وأنبل من أن يتشبه بهم هؤلاء العضاريط!

اتركوهم أيها السيد الكريم ليحكم التأريخ عليهم كما يستحقون، والذي خبث لا يخرج إلا نكداً.
والسلام عليكم

This Post Has One Comment

  1. عشتار العراقية

    رسالة رائعة عبرت عما نريد قوله ولكن هل تعتقد يا اخي عبد الحق أن حسن نصر الله لايعلم؟ وهل نحتاج وهو الغارق في السياسة ان نبلغه ان عصابات بغداد الحاكمة بأمر سيدها الصهيوامريكي ، هي صنائع الاحتلال التي تنفذ اجنداته؟ من الواضح ان نصر الله يقيم الناس حسب مذاهبهم وليس حسب أفعالهم.

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image