قل ولا تقل / الحلقة الرابعة والثلاثون

 

إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

قل: وزع بينهم الجوائز ووزعها فيهم (إذا أعطاهم اياها مفرقة)

ولا تقل: وزع عليهم الجوائز (إذا أعطاهم إياها مفرقة)

ذلك لأن “وزّع” بمعنى فضّ وفرّق وقسّم، فاذا استعملنا حرف الجر “على” معه، وهي للأذى والتسلط والتكليف والإستعلاء، كان معنى “وزّع عليهم” جعل عليهم ضريبة وأتاوة وتكليفاً. ومن المعلوم أن الجائزة ليست ضريبة، أعني أنها يُعطيها المجيزُ غيرَه من مستحقيها ولا يأخذها. يضاف الى ذلك أن مراد القائل “وزّع عليهم الجوائز” هو أنه أعطاهموها لا أخذها منهم ولا ضربها عليهم، ثم أن المسموع من فصحاء العرب والمذكور في كتب اللغة هو أن يقال “وزع الأشياء بينهم أوفيهم”، إذا أريد أنه فرقها فيهم وأعطاهم إياها مفضوضة.

جاء في لسان العرب: “التوزيع القسمة والتفريق، ووزّع الشيء: قسمه وفرّقه، يقال: وزّعنا الجزور فيما بيننا…. وفي الحديث أنه حلق شعره في الحج ووزّعه توزيعا. فقد نقل مؤلف اللسان من أقوال العرب “وزّعه بينهم” و “فيما بينهم” ولم يقل “وزّعه عليهم” لأن المراد الإعطاء.

وقال جار الله الزمخشري في أساس البلاغة في مادة وزع: “ووزّع المال والخراج توزيعاً قسّمه”. وقال في مادة الخاء والياء والفاء، من أساس البلاغة أيضاً: “خُيّيف المال بينهم وُزِّع”.

أما شاهد “وزّع فيهم” بمعنى أعطاهم إياه مفرقاً فما رواه الواقدي في مغازيه، قال خفاف بن إيماء بن رخصة: “كان أبي ليس شيء أحب اليه من إصلاح بين الناس وكان موكلاً بذلك فلما مرت به قريش أرسلني بجزائر عشر هدية لها فأقبلت أسوقها وتبعني أبي فدفعتها الى قريش فقبلوها (ووزعوها في القبائل)”، قال وزعوها في القبائل لا عليها.

وإذا قال قائل “وزّع فلان عليهم مالاً” فمعنى ذلك وضعه عليهم ضريبة أو عقوبة أو أتاوة أو خراجاً. وأوجب عليهم دفعه اليه وذلك كما يقال “وظف عليهم وظيفة وضرب عليهم مالاً وأوجب عليهم مالاً” وشاهده ما ورد في مغازي الواقدي أيضاً، قال: قال خفاف بن إيماء: مر أبي على عتبة بن ربيعة وهو سيد الناس يومئذ فقال له: يا أبا الوليد ما هذا المسير، قال: لا أدري والله غُلبت. قال أبي: فأنت سيد العشيرة فما يمنعك أن ترجع بالناس وتحمل دم حليفك؟ واحمل العير التي أصابوا بنخلة (فتوزعها على قومك) فوالله لا يطلبون قبل محمد إلا هذا”. انه قال “فتوزعها على قومك” اي يؤدوها الى مستحقيها مفرقة عليهم. (م ج)

قل: وفّقه الله للخير والإنجاح

ولا تقل: وفّقه الله الى الخير والإنجاح

وذلك لأن وفقه الله للشيء معناه جعله وفقاً له اي موافقاً ومطابقاً له وملائماً، فهذا موضع اللام، لا موضع إلى، والقاعدة العامة في اللام وإلى هي جواز أن يوضع اللام في مكان إلى ولا يجوز العكس، لأن المراد بوضع اللام موضع إلى هو التخفيف فإذا وضعت الى موضع اللام كان ذلك تطويلاً وتثقيلاً، فضلاً عن استعمال الحرف في غير معناه. يقال “دعاه الى الطعام ودعاه للطعام” و “قدم اليه هدية وقدم له هدية” و “قصد اليه وقصد له” و “عمد اليه وعمد له” و “أهدى اليه وأهدى له”. ويقال “وفّقه الله للخير ولا يقال “وفقه إلى الخير”. ويقال “نصح له” ولا يقال “نصح اليه” و “رضخ له من ماله شيئاً” ولا يقال “رضخ إليه” و “وهب له مالاً” ولا يقال “وهب إليه” و “تعرض له” ولا يقال “تعرض إليه”. وقد يقول الذين لا علم لهم بالفصاحة “تعرض اليه” كما قال غير الفصحاء “وفّقه الله إلى الخير”. والإحتجاج بالتضمين عند الشعور بالخطأ هو حجة المخطئالمُقوية لا حجة الفصيح القّوّية. (م ج)

قل: وَدِدْتُ أني في منزلي

ولا تقل: وَدَدْتُ أني في منزلي

وكتب الكسائي: ” وتقول: وَدِدْتُ أني في منزلي بكسر الدال الأولى. قال بعض الأعراب:

أُحبُّ بنيتي وَوَدِدْتُ أنَّي          حَفَرتُ لها برابيةٍ قُبيرا.”إنتهى

وقد توسع إبن منظور كعادته فكتب في لسان العرب:

“ووَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ، وهو من الأُمْنِيَّة؛ قال الفراء: هذا أَفضل الكلام؛ وقال بعضهم: وَدَدْتُ ويَفْعَلُ منه يَوَدُّ لا غير؛ ذكر هذا في قوله تعالى: يَوَدُّ أَحدُهم لو يُعَمّر أَي يتمنى. الليث: يقال: وِدُّكَ وَوَدِيدُكَ كما تقول حِبُّكَ وحَبِيبُك. الجوهري: الوِدُّ الوَدِيدُ، والجمع أَوُدٌّ مثل قِدْحٍ وأَقْدُحٍ وذِئْبٍ وأَذْؤُبٍ؛ وهما يَتَوادّانِ وهم أَوِدّاء. ابن سيده: وَدَّ الشيءَ وُدًّا وَوِدًّا وَوَدّاً وَوَدادةً وَوِداداً وَوَداداً ومَوَدَّةً ومَوْدِدةً: أَحَبَّه؛ قال: إِنَّ بَنِيَّ لَلئامٌ زَهَدَهْ، ما ليَ في صُدُورِهْم مِنْ مَوْدِدِهْ أَراد من مَوَدّة. قال سيبويه: جاء المصدر في مَوَدّة على مَفْعَلة ولم يشاكل باب يَوْجَلُ فيمن كسر الجيم لأَن واو يَوْجَلُ قد تعتل بقلبها أَلفاً فأَشبهت واو يَعِدُ فكسروها كما كسروا المَوْعِد، وإِن اختلف المعنيان، فكان تغيير ياجَل قلباً وتغيير يَعِدُ حذفاً لكن التغيير يجمعهما.”

قل: هو مَحْجِرُ العين

ولا تقل: هو مَحْجَرُ العين

وكتب إبن قتيبة: “و ” مَحْجِرُ العَيْنِ ” – بكسر الجيم – ، و ” المَحْجَر ” بفتحها من الحِجْر، وهو الحرام.” إنتهى

وكتب الجوهري في الصحاح:

“ومَحْجِرُ العين أيضاً: ما يبدو من النِقاب. والمَحْجَرُ بالفتح: ما حولَ القرية. والمَحْجَرُ أيضاً: الحِجْرُ، وهو الحرام.

ويقال: حَجَّرَ القمر، إذا استدارَ بخطٍّ دقيق من غير أن يَغلُظَ، وكذلك إذا صارت حولَه دارةٌ في الغَيْم.”

قل: قد سَخِرت منه

ولا تقل: قد سَخِرت به

وكتب إبن السكيت: “قد سَخِرت منه، ولا تقل: سَخِرت به، قال الله جل وعز: “إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ”. إنتهى

إلا أن كلاً من ابن منظور والفيروزأبادي خالف إبن السكيت فأجاز الإثنين فكتب ابن منظور في لسان العرب:

“سَخِرَ منه وبه سَخْراً وسَخَراً ومَسْخَراً وسُخْراً، بالضم، وسُخْرَةً وسِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسُخْرِيَّة: هزئ به؛ ويروى بيت أَعشى باهلة على وجهين: إِني أَتَتْنِي لِسانٌ، لا أُسَرُّ بها، مِنْ عَلْوَ، لا عَجَبٌ منها ولا سُخْرُ ويروى: ولا سَخَرُ، قال ذلك لما بلغه خبر مقتل أَخيه المنتشر، والتأْنيث للكلمة. قال الأَزهري: وقد يكون نعتاً كقولهم: هُم لك سُخْرِيٌّ وسُخْرِيَّةٌ، من ذكَّر قال سُخْرِيّاً، ومن أَنث قال سُخْرِيَّةً. الفراء: يقال سَخِرْتُ منه، ولا يقال سَخِرْتُ به. قال الله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ.”

وكتب الفيروزأبادي في القاموس:

” سَخِرَ منه وـ به، كفَرِحَ، سَخْراً وسَخَراً وسُخْرَةً ومَسْخَراً وسُخْراً وسُخُراً: هَزِئَ.”

لكن ابن فارس بدوره خالفهم ووافق إبن السكيت فكتب في المقاييس:

“ومن الباب: سَخِرت منه، إذا هزئت به. ولا يزالون يقولون: سخِرت به، وفي كتاب الله تعالى: فإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون.”

وفوق كل ذي علم عليم!

قل: لا صَدَقَةَ في أَقَلِّ من خمسِ أواقِيَّ

ولا تقل: لا صَدَقَةَ في أَقَلِّ من خمسِ أواقٍ.

وكتب الحريري: “ويقولون في جمع أوقية: أواق على وزن أفعال، فيغلطون فيه لأن ذلكجمع أوق وهو الثقل، فأما أوقية فتجمع على أواقي بتشديد الياء، كما تجمع أمنية على أماني. وقد خفف بعضهم فيها التشديد، فقال: أواق كما قيل في تخفيف صحارى: صحار.”

وكتب البستي: “قولُهُ، صلّى الله عليه وسلّم: “لا صَدَقَةَ في أَقَلِّ من خمسِ أواقِيَّ”. الأَواقيُّ: مفتوحة الألف مُشَدَّدَة الياءِ غير مصروفةٍ، جمعُ أُوقِيّة، مثل: أُضْحِيّة وأَضَاحِيّ، وبُخْتِيّة وبخاتِيّ، ورُبَّما خُفِّفَ فقيلَ: أَواقٍ وأَضاحٍ. والعامَّةُ تقولُ: خمس آواق، ممدودة الألفِ بغيرِ ياءٍ. والآواق إنّما هي جمعُ أَوْقٍ، وهو الثقلُ.”

قل: هو رجل تاعس وتعس

ولا تقل: هو رجل تعيس أو متعوس

وكتب الحريري: ويقولون: رجل متعوس، ووجه الكلام أن يقال: تاعس، وقد تعس، كما يقال: عاثر، وقد عثر. والتعس الدعاء على العاثر بألا ينتعش من صرعته، وعليه فسر قوله تعالى: “فتعساً لهم”. والعرب تقول في الدعاء على العاثر: تعسا له وفي الدعاء له: لعا له، كما قال الأعشى:
بذات لوث عَفَرْناةٍ إذا عثرت           فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا عني أنها تستحق أن يدعى عليها لالها.

واختار الفراء أن يقال للغائب: تعِس بكسر العين، وللمخاطب تعَس بفتح العين، فأما في التعدية فيقال: أتعسه الله، وعليه قول مجمع بن هلال:

تقول وقد أفردتها عن خليلها         تعست كما أتعستني يا مجمع

وعلى ذكر التعس فإني رويت في أخبار أبي أحمد العسكري عن أبي علي الأعرابي قال: حدثني بعض الأدباء، قال: وقف علينا أعرابي في طريق الحج، وقد عن لنا سرب ظباء، فقال: بكم تشترون واحدة منهن فقلنا: بأربعة دراهم قال: فتركنا وسعى نحوهن، فما كذب أن جاء وعلى عاتقه ظبية وهو يقول:

وهي على البعد تلوي خدها

تقيس شدي وأقيس شدها

كيف ترى عدو غلام ردها

فقلت:
أراه قد أتعبها وكدها

وأتعس الله لديه جدها

أنت أشد الناس عدوا بعدها

قال: فتركها وانصرف، فقلت له خذ حقك، فقال: سبحان الله أتمدحني وآخذ منك.”
وكتب إبراهيم اليازجي: “ويقولون رجل تعيس وقوم تعساء وهو من أهل التعاسة وكل ذلك خلاف المنقول عن العرب والمسوع رجل تاعس وتعس… وقد تعس بفتح العين وكسرها والمصدر التعس بالفتح والتعس بالتحريك ويعدى الأول بالهمزة تقول أتعسه الله اتعاساً والثاني بالحركة تقول تعسه بالفتح وهو متعس ومتعوس لم يحك فيه غير ذلك.”

قل: ما رأيته منذ أمس

ولا تقل: ما رأيته من أمس

وكتب الحريري: “ويقولون: ما رأيته من أمس والصواب أن يقال: منذ أمس، لأن من تختص بالمكان ومذ ومنذ يختصان بالزمان، وأما قوله عز وجل: “إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ” فإن من هاهنا بمعنى في الدالة على الظرفية، بدليل أن النداء للصلاة المشار إليها يوقع في وسط يوم الجمعة، ولو كانت من ها هنا هي التي تختص بابتداء الغاية لكان مقتضى الكلام أن يوقع النداء في أول يوم الجمعة.

وأما قوله تعالى: “لمسجد أسس على التقوى من أول يوم” فهو على إضمار مصدر حذف لدلالة الكلام عليه، وتقديره: من تأسيس أول يوم، وأما قولهم: ما رأيته مذ خلق ومذ كان، ففي الكلام حذف، تقديره مذ يوم خلق ومذ يوم كان.

وعلى هذا قول زهير:

لمن الديار بقنة الحجر ** أقوين من حجج ومن دهر
فقال: من حجج ومن دهر.

وقيل إن من في هذا البيت زائدة على ما يراه الأخفش من زيادتها في الكلام الواجب، فكأنه قال: أقوين حججا ودهرا.

وكتب الحنفي: “العامة تقول: ما رأيته مِن أمس، ومِن أَيّام. وهو غَلَطٌ، والصواب: مُذْ أمسِ، ومُذْ أيام، لأنّ “مِنْ” تختص بالمكان، و “مُذ ومُنْذُ” يختصان بالزمان.”


قل: قام الرئيس بزيارته أول أمس

ولا تقل: قام الرئيس بزيارته أول من أمس

وكتب عبد الهادي بوطالب: “يقول البعض: قام الرئيس بزيارته أولَ مِنْ أمس، يقصدون في اليوم السابق ليوم أمس. والصواب حذف مِن فنقول أوّلَ أَمْس، أو أمسِ الأول، أو ما قبل الأمس.

وقد جاء في قول الشاعر :

وأعلم ما في اليوم والأَمْسِ قَبْلَ

ولكنني عن علم ما في غدٍ عَم”.

قل: رزَقَ الله فلاناً مولوداً

ولا تقل: رَزَقَ الله فلاناً بمولود

كتب خالد العبري: “شاع بين كثير من الناس إدخال الباء على المفعول الثاني للفعل رزق فتسمعهم يقولون: رزق الله فلاناً بمولود. وأول ما يتبادر الى الذهن سؤال محير وهو: ماذا أفادت الباء هنا؟ وما الغرض الذي جيء بها من أجله؟ والجواب أنها لم تفد شيئاً وليس لها اية وظيفة إنما هو خطأٌ شائعٌ يقع الناس فيه، حتى بعض المتعلمين منهم. والصواب أن نقول: رزق الله فلاناً مولوداً، وذلك لأن رزق تتعدى الى مفعوليها من دون الحاجة الى حرف جر.

وتأمل الآيات التالية التي ورد فيها الفعل­­ “رزق” وقد عُدّي الى مفعوليه من دون استعمال الباء، يقول المولى عز وجل:

“قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسناً”، “والذي هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاً حسناً”.

قل: فالإعتراض على مشروع ناجح هو موقف فاشل دوماً

ولا تقل: فالاعتراض على مشروع ناجح تكتيك فاشل دوماً

وإنتشر بين المتعلمين من العرب وليس فقط رجال الإعلام إستعمال كلمتي “إستراتيجية” و “تكتيك”. حتى إن السياسي او الصحفي لا يعد نفسه متعلماً إذا لم يستعمل إحداهما أو كلتيهما في اي تحليل أو حديث. فمن اين جاءت وما هي وكيف نتخلص من هذه العجمة؟ وحيث إني كنت قد كتبت عن إستعمال “إستراتيجية” في الحلقة الثامنة من هذه السلسلة فسأكتفي اليوم بالحديث عن كلمة “تكتيك”.

فقد دخل اللغة الإنكليزية وغيرها من اللغات الأوربية إستعمال كلمة “تاكتيكس” من الأصل اليوناني “تاكتكوس” والتي تعني ترتيب الشيء أو تهيئته. ثم سرعان ما أصبح استعمالها في الإنكليزية مقبولا في المصطلح العسكري مترافقاً مع إستعمال “إستراتيجي” حيث يعني اللفظ الأول الخطط المحلية في تهئية الجيوش وتعبئتها بينما تعني الثانية وضع خطط السوق الرئيسة للدولة في استعدادها للمواجهة.ثم ساد إستعمال الكلمتين ليشمل النشاط العام والفردي خارج الإستعمال العسكري فغدى كل سلوك فيه إستعداد أو تهيئة يقال له “تاكتك” في اللغة الإنكليزية على سبيل المثال.

وقد كان من مساهمات الجيش العراقي في خدمة الأمة العربية في القرن العشرين، وذلك قبل أن تحله الصهيونية العالمية في غزوها البربري عام 2003، أنه عَرَّب كل المصطلحات المستعملة في الجيش بما في ذلك أسماء السلاح والعجلات وأجزائها. فكان تعريب الجيش العراقي لكلمة “تاكتك” هو “تعبئة”، وهي ترجمة موفقة.

فقد كتب الجوهري في الصحاح:

“أبو زيد: عَبَأْتُ الطيبَ عَبْأً، إذا هَيَّأتُه وَصَنَعْتَهُ وَخَلَطْتَهُ. قال: وعَبَأْتُ المتاع عَبْأَ، إذا هيأته وعَبَّأْتُه تَعْبِئَةً وتعبيئاً. قال: كُلٌّ من كلام العرب.وعَبَّأْتُ الخيل تعبئة وتعبيئاً. قال: والعِبْءُ بالكسر: الحِمْلُ، والجمع الأعباء.”

أما ابن منظور في كتب في لسان العرب:

” وقيل: عَبَأَ المَتاعَ يَعْبَأُه عَبْأً وعَبَّأَه: كلاهما هيأَه، وكذلك الخيل والجيش.
وكان يونس لا يهمز تَعْبِيَةَ الجيش. قال الأَزهري: ويقال عَبَّأْت المَتاعَ تَعْبِئةً، قال: وكلٌّ من كلام العرب.وعَبَّأْت الخيل تَعْبِئةً وتَعْبِيئاً.

وفي حديث عبدالرحمن بن عوف قال: عَبَأَنا النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، ببدر، لَيْلاً. يقال عَبَأْتُ الجيشَ عَبْأً وعَبَّأْتهم تَعْبِئةً، وقد يُترك الهمز، فيقال: عَبَّيْتُهم تَعْبِيةً أَي رَتَّبْتُهم في مَواضِعهم وهَيَّأْتُهم للحَرْب.”

مما يبين بوضوح سلامة التعريب لكلمة “تاكتك” الذي أثبته الجيش العراقي.

أما ما يخص تعريب إستعمال “تاكتك” السائد في اللغة الإنكليزية والذي أخذه الكاتب العربي في تغربه الفكري فيجب أن يكون متفقاً مع المقصود في الجملة. فقد يكون تهيئة أو موقفاً أو سلوكاً أو ممارسة اياً كان الحال. ذلك لأن غنى اللغة العربية تمكن الكاتب والمتحدث العربي أن يعدل عن إستعمال كلمة “تاكتك” للتعبير عن كل هذه حين يمكنه أن يستعمل لفظاً مختلفاً في كل حال يعبر فيه عما يريده.

عبد الحق العاني

5 تشرين الأول 2014

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image