قل ولا تقل / الحلقة التاسعة عشرة

 

إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

 

قل:  هذه خريطة الطريق

ولا تقل:  هذه خارطة الطريق

يعيش العرب اليوم أكثر من أي وقت سبق كالقردة يقلدون سيدهم الغربي، وكيف لا فإن لم يفعلوا فلا بد أنهم سيتخلفون عن ركب الحضارة والتقدم. وحبذا لو قلدوه في تطوره العلمي والطبي والهندسي.. لكنهم اختاروا بدلا أن يقلدوه في تفاهاته.. فاختاروا برامج التلفاز ولم يكتفوا بالقيام بمحاكاة البرامج بالكامل بل إنهم حين إكتشفوا عجز العربية وقصورها في التعبير كان لا بد أن يستعيروا أسماء البرامج من الإنكليزية الثرية…فعندنا اليوم “Arab Idol”  وعندنا اليوم “Arabs Got Talent”  وعندنا اليوم “أكشنها” وما شابهها من التفاهات..وهكذا فحين تفتق العقل الأمريكي الفذ في السياسة، وهو ما انفك يتحفنا بعظيم المساهمات في المأساة الإنسانية، عن مصطلح “Road Map” سارع الساسة والإعلاميون العرب لتبني هذا المصطلح الجديد وإستعماله في مناسبة وغير مناسبة حتى  لا يبدو أنهم لا يفهمون، وهم ولا شك يفهمون في كل شيء.

لكنهم في غمرة النقل الأعمى لم يحسنوا الترجمة للتعبير عن الأصل الإنكليزي.. ذلك لأنك تسمع كثيراً من الساسة والإعلاميين من يقول “خارطة الطريق”. وهذا خطأ لأن ترجمة “Map” هو خريطة وليس خارطة.

فما أصل كلمة خريطة في العربية؟ جاء في الصحاح:” والخَريطَةُ  وعاءٌ من أَدَمٍ وغيرهِ يُشْرَجُ على ما فيها”.

وحين وضع العالم العربي أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي أول رسم للعالم كما تصوره فإنها سميت “خريطة الإدريسي”.

وجاء في المعجم الوسيط في معنى خريطة ما أضاف هذا الإستعمال الجديد:

.” وعَاء من جلد أَو نَحوه يشد على مَا فِيهِ و (فِي اصْطِلَاح أهل الْعَصْر) مَا يرسم عَلَيْهِ سطح الكرة الأرضية أَو جُزْء مِنْهُ (ج) خرائط”

:أما كلمة “خارطة” فهي مؤنت “خارط” وجذرها هو خرط وجاء في القاموس

” خَرَطَ الشجرَ يَخْرِطُهُ ويخْرُطُه: انْتَزَعَ الوَرَقَ منه اجْتِذاباً”

:وجاء منه في العباب الزاخر

.”وحمار خارط: وهو الذي لا يستقر العلف في بطنه”

.وليس لأي من هذا ما له علاقة بالكلمة الإنكليزية المراد ترجمتها. فالصحيح هو إستعمال “خريطة” كما استعملت لتمثيل ما رسمه الإدريسي للتعبير عن رسم الطريق

قل: وردت علينا برقية مُفادها كيت وكيت

ولا تقل: مَفادها

وذلك لأنك تقول: أفادت البرقية كيت وكيت على سبيل الإستعارة اي جاءت بفائدة خبرية، والمصدر الميمي من أفاد هو “مُفاد” على وزن اسم المفعول، وذلك من القياس المطرد فالمُفاد ها هنا كالمُصاب، قال بعض الشعراء القدماء:

أظلومُ إن مُصابكم رجلا                        أهدى السلام تحية ظُلُم

أي يا ظلوم إن اصابتكم رجلاً ومنه قوله تعالى”وقل ربي أدخلني مُدخل صدق وأخرجني مُخرج صدق”. أي إدخال صدق وإخراج صدق.

أمّا “المَفاد” فهو مصدر ميمي لفعل من الأفعال المعروفة بالأضداد من معانيه حصول الفائدة والحياد والموت والتبختر وفي استعماله التباس كبير فضلاً عن بعده عن المراد. (م ج)

 

قل : هو فارس النظر بيِّن الفِراسة

ولا تقل: هو فارس النظر بيِّن الفَراسة

ويصعب على الكثيرين التمييز بين الفِراسة والفَراسة، رغم أن هناك فرقاً في المعنى. وهذه الصعوبة ليست وليدة عصرنا هذا فهي تعود للعصر العباسي.

فقد كتب أبن السكيت في إصلاح المنطق:”الأصمعي: فارسٌ على الخيل بيِّن الفُرُوسة والفَرَاسة، وهو فارس النظر بيِّن الفِراسة، ومنه: اتقوا فِرَاسة المؤمن.”

وكتب ابن منظور في لسان العرب:

“وقد فرُس فلان، بالضم، يَفْرُس فُرُوسة وفَراسة إِذا حَذِقَ أَمر الخيل………. والفِراسة، بكسر الفاء: في النَّظَر والتَّثَبُّت والتأَمل للشيء والبصَر به، يقال إِنه لفارس بهذا الأَمر إِذا كان عالماً به.”

وجاء في العباب الزاخر:

“وفي الحديث: عَلِّموا رِجالَكُم العَوْمَ والفَرَاسَةَ: يعني العِلمَ بركوب الخيل ورَكْضِها…… والفِرَاسَة -بالكسر-: الاسم من التَفَرُّس، ومنها الحديث الذي يَرْفَعونَه إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلّم- اتَّقوا فِراسَة المؤمن فإنَّه يَنْظُرُ بنور الله.”

وهكذا يتضح الفرق بين الفِراسة والفَراسة.

قل: إعتذر من التقصير أو الذنب

ولا تقل: إعتذر عن التقصير أو الذنب

يقال “إعتذر فلان من التقصير والذنب” لا “اعتذر عنهما”. جاء في الصحاح “إعتذر من الذنب”. وجاء في لسان العرب “وإعتذر من ذنبه: تنصل”. ثم جاء فيه في الإعتذار بمعنى الدروس:”وأخذ الإعتذار من الذنب من هذا لأن من اعتذر شاب إعتذاره بكذب يعفي ذنبه”.

وجاء في وصف عبد الملك بن مروان على لسان عمرو بن العاص “آخذ بثلاث تارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال إذا حدث وبحسن الإستماع إذا حُدّث وبأيسر الأمرين إذا خُولف، تارك للمِراء وتارك لمقاربة اللئيم، وتارك لما يتعذر منه”.

وجاء في كتاب للإمام علي (ع) بعث به الى كثم بن العباس (رض):

“فأقم على ما في يديك قيام الحازم الطيب، والناصح اللبيب التابع لسلطانه المطيع لإمامه وإياك وما يُعتذر منه”.

وقال ابن أبي عتيق للثريا “هذا عمر قد جشمني السفر من المدينة إليك فجئتك معترفاً بذنب لم يجنه معتذر إليك من إساءته إليك”.

وغنى الدلال أبو زيد ناقد المدني مولى عائشة بنت سعيد بن العاص:

طربت وهاجك من تَذَكُّر                        ومن لست من حُبّهِ تَعتَذر

وقال ابن عرادة السعدي في مدح سلم بن زياد بن أبيه:

يقولون اعتذر من حُبِّ سَلْم         إذن لا يقبل الله اعتذاري

ومدح الراعي عبيد الله بن الحصين (سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص) قال المفضل الضبي: “قال لوكيله كم عندك؟ قال: ثلاث آلاف دينار. قال: ادفعها اليه واعتذر من قلتها”.

وجاء في كليلة ودمنة ص -377 “فدعا الأسد بابن آوى واعتذر اليه مما كان منه. وقال عبد الله بن محمد بن البواب خليفة الفضل بن الربيع في حجبه الهادي بن المهدي في أمر وقع له مع الأسود بن عمارة النوفلي: “فدنوت منه وأخبرته خبر الهادي واعتذرت من مراجعتي إياه”.

وقال أبو علي الحسن بن حمدون: “وكتب يوسف بن ديوداذ الى الوزير أبي الحسن علي بن الفرات يعرفه الخبر ويعتذر اليه من تأخير المال الذي واقفه عليه”. وقال بشار بن برد:

قلت وإذ شاع ما اعتذارك مما                  ليس لي فيه عند همك عذر

وقال ابن عبدوس الجهشياري: “حكي لنا أن موسى الهادي سخط على بعض كتابه…. فجعل يقرعه بذنوبه ويتهدده، فقال له: يا أمير المؤمنين إن اعتذاري مما تُقَّرعني به رَدَّ عليك”. وقال بعض الفضلاء في خبر له: “وجعلت اعتذر اليه منه بعذر….وكيف يكون اعتذار انسان من كلام قد تكلم به”.

وقد تصحفت “من” الى “عن” في المصباح المنير مع أن مصحح الطبعة الشيخ حمزة فتح الله الأديب الكبير المشهور، إنما تستعمل “عن” مع اعتذر ومصدره لإفادة معنى النيابة. يقال “اعتذر زيد عن عمرو من الذنب الذي جناه أو من تقصير  ومنه ما ورد في مستدرك المعجمات لدوزي “ألا اعتذرت لهم عني” لأنه لم يرد لقاءهم.

وفي ن س ل من لسان العرب “ذكره أبو منصور واعتذر عنه أنه أغفله في بابه فأثبته في هذا المكان”. (م ج)

قل: الدين الإسلامي السمح والديانة الإسلامية السمحة والرجل السمح والمرأة السمحة

ولا تقل: الديانة السمحاء

وذلك لأن الصفة الواردة من مادة السماحة جاءت على وزن “فَعْل” للمذكر وعلى وزن “فَعْلة” للمؤنث نحو “سهل وسهلة وضخم وضخمة وشهم وشهمة وبحت وبحتة”. ولأن فعل هذه الصفة هو من باب “فَعُل يَفعُلُ” ولا تأتي  الصفة من هذا الوزن على “أفعل وفَعلاء” لكي يقال “سمحاء”. بل تأتي على “فعيل وفعيلة” و”فعل وفعلة” قياساً و “فُعل وفُعلة” ندوراً، كشريف وشريفة وسمح وسمحة وصُلب وصُلبة. وما ورد من شذوذ أعجف وعجفاء وآدم وأدماء و أسمر وسمراء وأحمق وحمقاء وأخرق وخرقاء وأرعن ورعناء. فمردود بأنه قد جاء في اللغة المسموعة أيضاً “عجِف و أدِم و سمِر و حمِق و خرِق و رعِن” فيجوز اشتقاق الصفات منهن على أفعل فعلاء، بله أننا نرى أن من الصفات ما سبق الأفعال لأن الصفات محسوسة فهي سابقة في الإشتقاق لأفعالها. وبيان ذلك عندنا أن الأسود يجوز أن يكون سمى “أسود” أولاً ثم اشتق منه الفعل “سوّد” يؤيد ذلك أن العرب تقول “أسودّ الشيء يسودُّ اسوداداً” أكثر من قولها “سوّد الشيء يسوّدُ سوداً” فاسوَدَّ يُسودُّ عندنا مأخوذ من الصفة اسود، وسوداء مأخوذة من “أسود” كذلك بتأخير الألف الأولى الى آخر الكلمة، والألف لما كانت في أول الصفة دلت على التذكير وفي آخرها على التأنيث وهذا مما لم يقف عليه العلماء القدماء.

وأعود الى السمح والسماحة فأقول قال ابن فارس في المقاييس: “السين والميم والحاء أصل يدل على سلاسة وسهولة…….. ورجل سمح أي جواد وقوم سمحاء”. وقال الجوهري: “وامرأة سمحة ونسوة سِماح”. وجاء في لسان العرب “سمح سماحة وسُموحة وسماحاً: جاد، ورجل سمح وامرأة سمحة ونساء سِماح وسمحاء فيها، وقولهم: الحنيفية السمحة أي ليس فيها ضيق ولا شدة. وما كان سمحاً ولقد سَمُحَ بالضم سماحة وجاد بما لديه، وعود سمح من السماحة والسموحة أي لا عقدة فيه، ويقال: ساجةٌ سمحة إذا كان غلظها مستوي النبتة وطرفاها لا يفوتان وسطه ولا جميع ما بين طرفيه من نِبتته. فإن اختلف طرفاه وتقاربا فهو سَمْحٌ أيضاً. قال بعض الأئمة: وكل ما استوت نِبتته حتى يكون ما بين طرفيه منه ليس بأدق من طرفيه أو أحدهما، هو من السَّمْح”.

وتفرد الفيومي بذكر “السّمح” قال في المصباح المنير “وسمُح فهو سمح وزاد خشن فهو خشِن لغة، وسكون الميم في الفاعل تخفيف، وامرأة سِمحة وقوم سُمحاء ونساء سِماح”

قل: الدين الإسلامي السّمح والديانة الإسلامية السّمحة

ولا تقل: السّمحاء (م ج)

قل: فلان من ذوي المروءة

ولا تقل: فلان من ذوي الشهامة

كتب ابراهيم اليازجي في لغة الجرائد: “ويقولون فلان من ذوي الشهامة يعنون المروءة وعزة النفس وليس ذلك في شيء من كلام العرب ولكن الشهم عندهم الذكي المتوقد الفؤاد ويجيء بمعنى السيد النافذ الحكم في الأمور وقال الفرآء الشهم في كلام العرب الحمول الجيد القيام بما حمل وكله بعيد عن المعنى الذي يريدونه كما ترى”.

وكتب ابن منظور في لسان العرب في باب “شهم”:

“الشَّهْمُ: الذَّكِيُّ الفُؤاد المُتَوَقِّدُ، الجَلْدُ، والجمع شِهام…………… وقد شَهُمَ الرجلُ، بالضم، شَهامة وشُهومة إذا كان ذكِيّاً، فهو شَهْمٌ أي جَلْدٌ. وفي الحديث: كان شَهْماً نافذاً في الأُمور ماضياً.”

وأورد ابن فارس في المقاييس تعريفاً مماثلا فكتب:

“الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء. يقال من ذلك: رجلٌ شَهْمٌ”.

أما المروءة فقد جاء معناها في الصحاح على أنه:

“والمُروءَةُ الإنسانية، ولك أن تشدِّدَ.”

وجاء في لسان العرب وصف لها:

“وسئل آخَرُ عن الـمُروءة، فقال: الـمُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً.”

وهكذا نرى أن العامة تخطئ في استعمال لفظة الشهامة وهي تريد المروءة.

 

قل: رأيته البارحة لليلة التي قبل نهارك والبارحة الأولى للتي قبلها

ولا تقل: رأيته الليلة الماضية ولا ليلة أمس

وذلك لأن البارحة في الأصل صفة لليلة التي قبل نهارك إذا تكلمت بعد الزوال أي بعد الظهر ثم حذف الموصوف وبقيت الصفة فصارت اسماً من الأسماء. وقولي: إذا تكلمت بعد الزوال أي الظهر تفسيره أنك إذا أردت أن تذكر الليلة فلها أسماء بالنسبة الى الزوال، فإذا تكلمت قبل الزوال أي قبل الظهر قلت: فعلت الليلة كذا وكذا، وجرى الليلة حادث مهم، وما اشبه ذلك. وإذا تكلمت بعد الزوال جاء في لسان العرب: “والعرب تقول: فعلنا البارحة كذا وكذا لليلة التي قد مضت يقال ذلك بعد زوال الشمس ويقولون قبل الزوال فعلنا الليلة كذا وكذا…. والعرب تقول ما أشبه الليلة بالبارحة أي ما أشبه الليلة التي نحن فيها بالليلة الأولى التي قد برحت وزالت ومضت. تقول: لقيته البارحة الأولى وهو من برح أي زال”، انتهى كلام صاحب اللسان.

هذا للفعل الماضي أما المضارع وما أشبهه فلا يُشترط معهما زوال وعدم زوال وأنت بالليل: أكتب رسالتي الليلة أو هذه الليلة وإني كاتبها الليلة أو هذه الليلة، كما تقول أكتبها اليوم أو هذا اليوم. (م ج)

قل: بالإضافة الى الشيء (أي بالنسبة اليه والقياس عليه)

ولا تقل: بالإضافة اليه (بمعنى زيادة عليه ومضافا اليه)

وذلك لأن معنى “بالإضافة الى الشيء” عند فصحاء الأمة هو “بالنسبة اليه” فالمعنيان مختلفان جداً، ولو لم يكن هذا التعبير قد شاع وتُعُورف وثبت معناه في كتب اللغة وكتب الأدب وكتب التأريخ وكتب الدين لتكلفنا مخرجاً له. قال ابن مكرم الأنصاري في ع ظ م من كتاب لسان العرب: “وأمر لا يتعاظمه شيء: لا يعظم بالإضافة اليه”.

وجاء في الأغاني من كلام عصر ابراهيم المهدي “فإذا فعل ذلك فهو بالإضافة الى حاله الأولى بمنزلة الاسكدار للكتاب”.

وقال أبو حيان التوحيدي: “على أن كلاهما بالإضافة”. وقال مسكويه: “والطبيعة وإن كانت ضعيفة بالإضافة الى العقل منحطة الرتبة فإنها قوية فينا”.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: “ووجدت أهل الإسلام في الأرض قليلاً بالإضافة الى الكفار”. وقال ابن جبير الأندلسي: “لأن لهم على كل حمل طعام يجلبونه ضريبة معلومة خفيفة بالإضافة الى الوظائف المكوسية التي كانت قبل اليوم”. والوظيفة هنا ما يوظفه السلطان على ذوي التجارات والمبيعات، ثم قال: “وهي بالإضافة الى ما كانت عليه قبل انحاء الحوادث عليها والتفاف أعين النوائب اليها، كالطلل الدارس والأثر الطامس أو تمثال الخيال الشاخص”. وقال القزويني: “حتى ان جميع المكشوف من البوادي والجبال بالإضافة الى الماء كجزيرة صغيرة في بحر عظيم” (عجائب المخلوقات ص 7 في وصف الأرض).

وهذا قول لا شك فيه ولا تأويل ولا تخريج، ولا يجوز تشويه كلام القوم وعباراتهم بتقليد من لا يعرفهما. وشواهد استعمال “إضافة” بغير باء لأداء المعنى المراد متعارفة، منها ما ورد في كتاب الحوادث في أخبار سنة 639 هـ قال مؤلفه: “وفيها رد النظر في نهري الملك وعيسى الى حاجب باب النوبي تاج الدين علي بن الدوامي (إضافة الى ما يتولاه) من أمر الشرطة والعمارة”. وورد في حوادث سنة 187 “وفيها رتب نجم الدين محمد بن أبي العز مدرساً بالنظامية…… إضافة الى القضاء”. وهذا التعبير وإن كان مولداً فهو قريب من الجملة التي اُفسدت باستعمالها لغير معناها. (م ج)

قل: رافقت السيارة من العراق في طريقها إلى مكة

ولا تقل: رافقت القافلة من العراق في طريقها إلى مكة

وشاع إستعمال “قافلة” لتعني كل رفقة في السفر ذاهبة كانت أو راجعة، فيقال قافلة الحجاج وقافلة السياح. وهذا إستعمال غير دقيق.

فقد كتب ابن قتيبة في أدب الكاتب: “ومن ذلك: ” القافِلَةُ ” يذهب الناس إلى أنها الرُّفقة في السفر، ذاهبةً كانت أو راجعةً، وليس كذلك، إنما القافلة الراجعة من السفر، يقال: قَفَلَتْ فهي قافلة، وقَفَلَ الجُندُ من مبعثهم، أي: رَجَعوا، ولا يقال لمن خرج إلى مكة من العراق قافلة حتى يَصْدُروا”.

وقد عاب عليه ابن منظور في لسان العرب ذلك فكتب في باب قفل:

“القُفُول: الرُّجوع من السفر…واشتقَّ اسمُ القافِلة من ذلك لأَنهم يَقْفُلون….  وظن ابنُ قتيبة أَن عوامَّ الناس يغلَطون في تسميتهم الناهِضين في سفر أَنشؤوه قافِلة، وأَنها لا تسمَّى قافِلة إِلا منصرِفة إِلى وَطنِها، وهذا غلَط، ما زالت العرب تسمي الناهضين في ابتداء الأَسفار قافِلة تفاؤلاً بأَن يُيَسِّر الله لها القُفول، وهو شائع في كلام فُصحائهم إِلى اليوم.”

وأحسب أن ما قاله ابن منظور ليس له مسوغ ذلك لأن ابن قتيبة أصاب في إشتقاقه وشرحه أما إدعاء ابن منظور بأن تسميتها قافلة صحيح بحجة أن الناس يتفاءلون بعودتها فهو تكلف واضح.

ويؤيد ذلك ما أورده الجوهري في الصحاح:

” والقافِلَةُ الرُفقةُ الراجعةُ من السفر.”

وكذلك ما كتبه إبن فارس في المقاييس:

” ولا يقال للذاهبين قافلةٌ حتّى يرجعوا”.

 

وللحديث صلة….

عبد الحق العاني

 10 كانون الأول 2013

 

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image