لماذا وكيف تريد روسيا تغيير النظام السياسي في سورية؟

لعل أكثر سؤال يدور اليوم على ألسن أغلب السوريين بل أغلب العرب العاربة هو: إذا كان وفد الإئتلاف كما وصفه المسؤولون السوريون يضم مجموعة من الجهلة الذين لا يمثلون إلا أسيادهم في الخارج ولا يمتلكون سلطة على أحد في الداخل فلماذا إجتمع وفد الجمهورية العربية السورية بهم ولمذا يذهب مرة أخرى لإعادة تلك المسرحية التي أعطت الأقزام حجماً أكبر بكثير من حقيقتهم؟

ولم يستطع اي مسؤول سوري، أو اي من عباقرة “الإستراتيجية” و”المعطيات” الذين مللنا وجوه بعضهم وجملهم المكررة، أن يعطي جواباً على هذا السؤال يقنع به الطفل الصغير..

والإجابة عليه تكمن في كلمة واحدة وهي: روسيا!

أي أن سبب ذهاب الوفد السوري وإجتماعه على مضض بهذه الإمعات هو ان روسيا تصر على ذلك…. وخلف كل إدعاءات المسؤولين السوريين بأن سورية تتخذ قراراتها بحرية تبقى حقيقة أن روسيا تملي هذه المواقف وتلمح دوماً أنها قد لا تستعمل حق النقض في مجلس الأمن في كل مرة، وهذا وحده يعيد لذاكرة المسؤول السوري تجربة العراق وكيف قاد قرار بعد قرار لخراب العراق وغزوه وحل جيشه وهدم بنيانه..

وحتى لا يقول قائل ان روسيا معنا وقد فعلت كذا وكذا، أود أن أذكر أن روسيا، كأية دولة عظمى في التأريخ، تعمل على وفق مصالحها بما يحقق لها أكبر نفع بأقل ضرر!

إن ما أروم عمله هنا هو أن أبين لماذا تريد روسيا تغيير النظام في سورية وحين أفعل ذلك سآتي على الشواهد التي تدعم إستنتاجي بأن روسيا تريد تغيير النظام.

روسيا الجديدة

ولا بد قبل هذا من أن نعرف شيئاً عن خلفية النظام السياسي القائم اليوم في روسيا. فساسة روسيا اليوم لم يأتوا من فراغ فأكثرهم كانوا قبل ثلاثة عقود شيوعيين ماركسيين.. ويكفي للتذكير بذلك أن نعرف أين كان بوتين واين كان لافروف عام 1990 لنعرف الخلفية التي جاء منها ساسة موسكو اليوم… فهؤلاء لم يجدوا صعوبة في الإنتقال من رأسمالية الدولة الشيوعيىة إلى راس مال القطاع الخاص ما دامت الدولة الروسية قائمة وقوية لا يمكن لأحد أن يملي عليها شيئاً أو ينتزع منها ما تعتقده حقاً.. فالقاعدة الإقتصادية ضخمة والقوة العسكرية الروسية قادرة أن تؤدب أي ركن من أركان الكرة الأرضية حتى دون أن ترسل جنديا واحداً.. أي بمعنى آخر إن الإنتقال من نظام لآخر لم يغير بالنسبة لهؤلاء شيئاً من قناعتهم بدولتهم وقوميتهم وعنصريتهم إذا شئت!

وبعد العقد الأول من الإنتقال تمكن القادة من تثبيت الدولة الروسية الرأسمالية… وكانت كارثة العراق قد وقعت في تلك الفجوة من مرحلة إنتقال الدولية الروسية بين نظامين مما جعله، أي العراق، خارج إهتمام روسيا وبالتي أسير المشروع الصهيوني منفرداً.. لكن مشروع تدمير سورية الصهيوني بدأ بعد تثبيت الدولة الروسية الجديدة وحين بدأت هذه الأخيرة تنظر لمصالحها في العالم وتعمل على التعامل، ولو بحذر، لحمايتها. ثم أدركت الصهيونية عدم الحاجة لغزو الدول في أرض العرب بشكل مباشر فأطلقت “الربيع الصهيوني” واسمته “العربي” وسارع الإعلام العربي الجاهل كعادته في إقتباس المصطاح واللفظ الغربي في كل مناسبة لإستعماله، فقد كان هدم المشروع القومي في سورية بعد العراق أهم أهداف حملة الربيع الصهيوني…

ووجد الروس أنفسهم أمام أكبر إمتحان لهم في عصر الدول الروسية الجديدة.. فسورية أهم دولة في ما يسمى بالشرق الأوسط بالنسبة لروسيا فهي أهم من إيران وأهم من تركيا لأسباب يطول الحديث فيها، لكن أكتفي بالقول أنها مهمة وأن شواهد ذلك واضحة من التورط الروسي في القضية على الشكل الذي نشهده…

وأول ما يعلمه الروس هو أن النظام السياسي في سورية قائم على اساس نوع من الإشتراكية (وإن كان لي راي في هذا حيث إن الإنبطاح الإقتصادي غير ذلك) والذي يجعل النظام في سورية  قائماً على رأسمالية الدولة من حيث إمتلاكها لوسائل الإنتاج ودعم السلع الأساس للمواطن مما يرفضه النظام الرأسمالي العالمي الذي لحقت به روسيا الجديدة… وليس عسيراً أن يفهم المرء أن روسيا لا تحبذ التعامل مع نظام تعده من مخلفات الحرب الباردة الذي خرجت حديثاً منها… بل إن الأمر أبعد حتى من السياسة إذ أنه يندرج في السلوك النفسي للفرد ايا كان ذلك لأن من يرفض نظرية يجد من الصعوية أن يتعايش معها..فكيف يستطيع الروس اليوم دعم نظام سياسي لا يعتقدون بجدواه أو قاعدته العقائدية؟

إن وصول الروس لهذه القناعة تم حتى بمعزل عن الربيع الصهيوني لكن هذا الخطر الداهم عزز الخوف الروسي من إنهيار النظام في سورية بشكل يجعل من العسير بعده تلافي تجزئة سورية على أسس مذهبية أو طائفية أو عرقية وهو كابوس لا تريد روسيا أن تفكر به على هذه المقربة من حدودها الجغرافية وما لنتيجة كهذه من إنعكاس مباشر على الأمن القومي الروسي… وزاد في مخاوف الروس أن الدولة السورية بدت مخترقة بشكل مخيف فقد نجحت المؤامرة في هز أركان النظام ونزع سيطرته على مساحات واسعة من الأرض، بل إن المؤامرة كانت اكثر نجاحاً حين حولت المعركة لمعركة أزقة وحارات ومجمعات سكنية مما يصعب على أي نظام في العالم أن يتعامل معها…. والروس عاشوا تجربة مماثلة ذلك لأن النظام الشيوعي والذي خدره بريجنيف عشرين عاماً كان قد اخترق حتى إن كل ما تطلبه الأمر لإنهائه طلقة مدفع دبابة أطلقها مخمور أحمق على مبنى البرلمان الروسي ليتبخر الحزب والجيش والأمن و و و.. وقد إعتقد الروس أن سورية تعيش تجرية مماثلة لهم وأن بعث سورية، الذي تبخر بين ليلة وضحاها واختفى جيشه الشعبي الجرار وتمرد فيه ضباط كبار وساسة قادة وكثير محزن فوق ذلك، يمر بمرحلة السقوط التي مر بها الشيوعي السوفيتي مع فارق واحد هو أن روسيا مهما حدث تبقى روسيا لأنها لا تعاني من تخلف العرب، أما سورية فهي إذا سقط النظام السياسي فيها بالقوة فإنها سوف تنتهي كما انتهى العراق وليبيا!

فكان لابد أن تبحث روسيا بجد وبتدخل مباشر عن حل يمنع نتيجة كارثية كانهيار الدولة السورية….فوصلت لقناعة أن الحل الوحيد هو في إنهاء نظام البعث وفي إستبداله نظاما سياسياً تعددياً يمكن أن يضمن ديمومة سورية بشكلها الجغرافي مع ضمانات لحماية الأقليات كما تسميها…أي ان الروس وصلوا لقناعة بأن مستقبل سورية غير ممكن إلا بنظام يشبه نظام لبنان الذي خلقه الفرنسيون أو نظام العراق الهجين الذي جاء به الصهاينة، وهذا يعني نظاماً سياسياً يثبت التقسيم المذهبي والعرقي في سورية بضمانات دستورية. وهذه في نظري وصفة خراب لأنها ستفتح قرناً من الفساد وطبخات السياسة كالتي عاشها لبنان خلال ستين عاماً والتي نجح البعث في العراق وسورية في تجاوزها، وإن كانا، اي بعث العراق وسورية، قد فشلا في غيرها!

ولم يخف الروس هذه القناعة أمام اصدقائهم كما هو الحال مع قدري جميل والذي قرر الإستقالة من الوزارة حين أدرك أن المشروع الروسي سوف يعطيه دوراً أكبر مما يمكن له وهو داخل الوزارة.. لكن الروس لم يكتفوا بكشف ذلك لأصدقائهم فقط بل جعلوها رغبة معروفة ومن يقرأ ما قاله المسؤولون الروس وعلى الأخص مندوبهم الدائم في مجلس الأمن خلال العامين الماضيين يجد جلياً بين السطور أن روسيا غير ملتزمة ببقاء الأسد وهذه العبارة تعني أنها تريد تخلي البعث عن السلطة وهذا لا يعني إجتثاث البعث كما حدث في العراق ولكن التخلي التدريجي بالسماح بمشاركة الآخرين… لكنه يعني بالتأكيد تغيير طبيعة التظام!

إن تخلي البعث عن الإنفراد بالسلطة يعني إنهاء المشروع القومي العربي في سورية بشكل سلمي وليس بالعنف الذي تم فيه إنهاؤه في العراق، ذلك لأن أي نظام سياسي بديل عن البعث لن تكون قاعدته الصراع مع الصهيونية والتي هي في جوهرها نتيجة طبيعية للنظام الإشتركي المناهض للراسمالية الصهيونية.. وهذه النتيجة هي ما يطمع الروس في تحققها… وهي وإن كات لا تبدو واضحة للعيان إلا أنها في جوهر نظرة روسيا للمنطقة فهي أي روسيا ترغب كالولايات المتحدة في إنهاء الصراع العربي الصهيوني والذي تمثله سورية وحدها اليوم… ورغبة روسيا هذه نابعة من أمرين في غاية الأهمية أولهما أن اي صراع مسلح واسع في الشرق الأوسط قد يجر الروس لتورط هم في غنى عنه وقد يضعهم في مواجهة أمريكا وأوربا في وقت هم يطمعون فيه لبناء جسور مع أولئك….. كما أن لهذه الرغبة جذور قومية لا يمكن للروسي التغاضي عنها ذلك لأن أكثر من خمس سكان إسرئيل هم روس… وأكثرهم استوطن فلسطين بعد سقوط الإتحاد السوفيتي. وهذا يعني أن الروس سوف يمدون العرب بسلاح يقتل أبناءهم وإخوانهم في إسرائيل وهذا ما لا يرغبون في عمله، خصوصاً وإن التربية الدينية الناشئة في روسيا تذكر الناس، كما فعلت في أوربا منذ قرون، بأن السيد المسيح يهودي. وسواء أدرك الإنسان ما خلف هذه الثقافة أم لم يدرك فإن الروسي اليوم ينشأ على اساس أن دينه مشترك مع اليهود لأن ربه يهودي وليس مع العرب، وهذا يخلق تعاطفاً مع إسرائيل لم يكن معروفاً قبل عقود!

فاتفق الروس مع الأمريكيين على ضرورة تغيير النظام في سورية… ولا أقصد أن الطرفين إجتمعا وقررا ذلك.. لكن الطرفين يعرفان أنهما يرغبان في التغيير وكل يسعى أن يكون التغيير في صالحه… فروسيا تريد دولة مستقرة تعددية مبنية على اسس محاصصة مذهبية وعرقية غير معادية وبنظام إقتصادي حر مما يمكن روسيا من إيجاد قواعد لها على ساحل الأبيض المتوسط ومشاركة في إستخراج نفط وغاز سورية البحري…. أما الولايات المتحدة فتطمع لإجتثاث المشروع القومي من سورية بشكل كامل والإتيان بنظام إستهلاكي مشابه لدول الخليج يديره ساسة أجراء في الصهيونية العالمية على غرار بعض ساسة لبنان كي تكون سورية الجديدة جزءً من الحلف الذي يحتوي أطماع إيران الطالعة في الشرق الأوسط…. ويعرف كل من كيري ولا فروف ما يريده الآخر لكنهم اتفقوا على مبدء أخلاقي يقضي أن يعرف كل منهم حدود تحركه بما لا يتجاوز على الآخر..

وهناك شاهدان يكشفان جوهر المشروع الروسي للتغيير في سورية قد يغنيا عن التطويل بل يتجاوزا الرد المبني على آمال وتخيلات.

نزع السلاح الكيميائي السوري

فالشاهد الأول جاء في نزع السلاح الكيميائي السوري والذي تم باتفاق روسي أمريكي أمنت فيه روسيا وقف الضربة الأمريكية المدمرة لسورية والتي كانت ستحول سورية إلى ليبيا ثانية، بينما حققت طموح الإثنين، أي روسيا وأمريكا، في نزع سلاح سورية. وليس عسيراً فهم رغبة الدولتين في نزع سلاح الدمار الشامل السوري، فذلك يؤمن للجانبين منع سورية من الدخول في حرب مع إسرائيل والتي تمتلك واحدة من أكبر ترسانات أسلحة الدمار الشامل في العالم، لأن سورية التي لم تحارب إسرائيل وهي تمتلك سلاح الردع الكيميائي سوف تجد صعوبة كبرى في محاربة إسرائيل بعد أن فقدت سلاحها الرادع الذي يمنع إسرائيل من التهديد بسلاحها المدمر إذا ما تعرض أمنها القومي للخطر!

ولم يكن الدكتور بشار الجعفري، رغم حسن بلائه في مناسبات أخرى، موفقاً حين سألته الفضائية السورية عن نزع السلاح الكيميائي وذلك للأسباب التالية:

  1. إن السلاح الكيمائي هو سلاح ردع وكل سلاح ردع يمتلك لمنع العدو من حسم معركة الحياة والموت لصالحه.
  2. إن سلاح الردع ليس عبثياً إذا أنه يستعمل كآخر سلاح ضد العدو.
  3. ليس صحيحاً أن أحدا لم ولن يستعمل سلاح دمار شامل فقد استعملت أمريكا السلاح النووي في اليابان واستعمل السلاح الكيميائي في فيتنام في النابالم و “العامل البرتقالي”. كما استعملته في العراق في اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض.
  4. إستعملت إسرائيل التهديد بالسىلاح النووي حين هزمت في المراحل الأولى من حرب تشرين 1973 وأخرجت صواريخها النووية للعلن موجهة نحو القاهرة ودمشق ورصد الروس والأمريكيون ذلك مما دفع واشنطون للتدخل في المعركة مباشرة وتغيير نتيجة الحرب لصالحها. وهذا دليل عملي على أن  إمتلاك سلاح الردع المدمر وحده قد يكون كافياً لحسم المعركة.
  5. إن سورية التي أدركت حاجتها لسلاح ردع ولم تتمكن من صنع السلاح النووي قررت صائبة تطوير السلاح الكيميائي وصرفت ثلاثين عاما وآلاف آلاف آلاف الدولارات من قوت الشعب الجائع لتطوير هذا السلا ح.
  6. إن سورية لو أرادت التخلص طوعاً من سلاحها الكيميائي لفعلت ذلك قبل المؤامرة ولكان لها أن تطلب مقابل ذلك صفقة سياسية كبيرة. إذ أنها خسرت وهي مستضعفة سلاحها الرادع دون اي مقابل تماماً كما فعل أنور السادات حين ذهب للقدس دون أن يطلب ثمناً لذلك قبل الذهاب.
  7. إن سورية اليوم ليست قادرة على الدخول في حرب مع إسرائيل التي هي الدول الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك خزينأ مخيفا من السلاح النووي والكيميائي والحيوي والتي لن تتواني عن إستعماله إذا تعرضت مدنها لهجوم صاروخي سوري مدمر. فكيف سيمكن لسورية إستعادة الجولان؟

 مؤتمر جنيف 2

رغم أن روسيا وأمريكا تشكلان الراعي المشترك لمؤتمر جنيف إلا أن روسيا قد تعمدت أن تنآى بنفسها عن اي قرار يتخذ في الدعوة للمؤتمر وتركيبة الوفود التي تدعى له. وتركت الأمر لأمريكا وحدها. فلماذا؟

ألم يكن واجب المشاركة مع أمريكا يقضي بأن يكون للروس دور في دعوة دول تختارها كما إختارت أمريكا العديد من الدول فجاءت بدول لا علاقة لها بالقضية السورية لا من قريب ولا من بعيد ككوريا الجنوبية على سبيل المثال؟ فلمذا لم تصر روسيا على دعوة إيران وهي التي أكدت وما زالت تؤكد أن لإيران دوراً فاعلاً في حل الأزمة في سورية؟

كما ان روسيا هي الطرف الراعي لمؤتمر جنيف الوحيد الذي له علاقة مباشرة مع الدولة السورية ومع أغلب أطراف المعارضة الداخلية والخارجية. ألم يكن متوقعاً أن تساهم روسيا في خلق وفد معارضة سورية أكثر توازنا وممثلاً للتنوع في المعارضة؟ لكنها لم تفعل وتركت الوفد الوحيد الذي حضر للتفاوض من إختيار بندر وفورد؟

إن محاولة روسيا أن تظهر بانها دعت للمؤتمر وأكدت وتؤكد على أهميته ثم تنآى بنفسها عن دعوة الأطراف التي يمكن أن تكون فاعلة وممثلة ليست سهلة الفهم لأي مراقب إلا إذا كان ذلك متعمداً ومقصوداً وهو وما أعتقده…

فروسيا حرصت على عدم التدخل في تشكيلة وفد المعارضة لأنها تريد أن تجبر  الدولة السورية على التفاوض مع ممثلي بندر وفورد وأن تنتهي المحادثات بإعطائهم حصة في السلطة لا تتناسب مع حجمهم الحقيقي أو حتى بالتثميل الشعبي الذي يمكن أن يكون لهم، وذلك كجزء من إرضاء للولايات المتحدة…ذلك لأن روسيا تعلم كما تعلم الولايات المتحدة أن إبن الجربا أو غليون أو كيلو لو رشحوا غداً في سورية فإن أقواهم شعبية لن ينال أكثر من بضعة آلاف من الأصوات فيكون بذاك قد فقد أي حق للتحدث باسم الشعب السوري. أما إذا فرض باتفاق دولي فليس للسوري أن يعترض عليه فالقرار الدولي شأنه بالنسبة للعرب كشأن السماء وسبق لنا أن بلعنا سايكس/ بيكو فلماذا لا نبتلع كيري/ لافروف؟

كما ان روسيا تعرف انها لو جاءت بممثلين من خارج ممثلي بندر وفورد فإن موضوع التفاوض سيأخذ منحى لا يرضي أمريكا إذ أن أطيافاً متعددة من المعارضة الوطنية لا ترتضي ما يريده الوفد الممثل لأمريكا في إستعداء الأجنبي على الوطن أو في التطلع لخلق دولة إسلامية.. وهذا سيعقد المفاوضات بل ربما يعطل تحقيق المصلحة الأمريكية مما يعيد القضية للمربع الأول ويفتح باب التهديد الأمريكي من جديد…

فهل يعقل أحد أن إبن الجربا يمثل في المعارضة في سورية أكثر مما يمثله قدري جميل؟

لقد ثبتت هذه القناعة حين استضاف لافروف قبل ايام إبن الجربا ومن معه من الإمعات.. وليس لي علم بما دار ولا أدعي أن لي علاقات مخابراتية تطلعني على ما جرى كما يفعل “الإستراتيجيون” الكبار.. إلا أني لم يغب عني ولا أعتقد أنه غاب عن أي متتابع ما قاله إبن الجربا في أن “الجبهة الإسلامية” ليست منظمة إرهابية ولم ترد روسيا على هذا الإدعاء مما يعني قبولها به بل يعني أن التصريح وسكوت روسيا كان كله مقصوداً..

فكل متابع للحدث يعرف أن “الجبهة الإسلامية” هي ترتيب “فوردي بندري” لإعطاء صفة الإعتدال لجناح لا يقل سلفية وإرهابية وهمجية عن سائر الأجنحة التي تخرب في سورية وتحرق الأرض والناس، فتقتل الشيعي والعلوي والدرزي والإسماعيلي بحجة أنهم كفار وتأخذ الجزية من النصارى وتحرق المدارس والمستشفيات وتدمر المصانع وخدمات الكهرباء والإتصلات وتعد الناس بإمارة للجهلة… فكيف سكت لا فروف عن ذلك؟

عبد الحق العاني

8 شباط 2014

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image