قل ولا تقل / الحلقة الرابعة والستون

 

إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

 

 

قل: ثبات أسطوري في مواجهة غباوة اسطورية

ولا قل: صمود أسطوري في مواجهة غباء أسطوري

استوقفني مقال ظهر على أحد المواقع الإخبارية في شبكة المعلومات بعنوان “صمود اسطوري في مواجهة غباء اسطوري”. فقلت في نفسي ما عساني أضيع وقتي في قراءة موضوع لا يعرف واضعه أن يعرفه تعريفاً صحيحاً، فما الذي يمكن أن أتعلمه من جاهل لا يقدر أن يعبر عما يريد قوله؟

وليست المرة الأولى التي يُكتب فيها عن الخلل في استعمال مصادر لا وجود لها في العربية أو استعمال كلمات بمعان لا علاقة لها بما يريده الكاتب. لكنه لا بد من الإعادة أحياناً عسى أن تنفع فقد قال عز من قائل: “وذكر ان الذكرى تنفع المؤمنين”.

فقد وقع الكاتب في خطأين في عنوان مقاله أولهما أنه استعمل مصدرين لا وجود لهما في العربية وثانيها انه أخطأ في فهم معنى الفعل الذي افترض اشتقاق المصدر منه إذا افترضنا صحة الإشتقاق.

فليس في العربية كلمة “صمود”. ولا يغير هذه الحقيقة أنك تكاد تسمعها أو تقرأها كل يوم بل كل ساعة في وسائل الإعلام. فلم يسمع عن العرب “صمود”، ذلك لأن الفعل “صَمَدَ يصمد صَمْدَاً”، وليس “صمودا”. والمصادر في العربية سماعية، وعلة هذه الحقيقة هي أن الأصل في العربية هو للمصدر وليس للفعل مما يمنع جواز اشتقاق مصدر جديد إذا لم يسمع عن العرب ذلك المصدر.

وحيث إني قد نقلت في الحلقة (السابعة والأربعين) عن الأستاذ الجليل المرحوم مصطفى جواد ما يغني في هذا الموضوع فمن أراد الإستزادة فعليه أن يعود له. وأكتفي هنا بما خلص اليه استاذنا في قوله:

  1. ليس في العربية مصدر “صمود”.
  2. إن الفعل “صمد” يعني “سار” وليس “ثبت”.
  3. يجب القول “ثبات” وليس “صمود” إذا أريد البقاء والثبات.

فكفوا أيها الناس عن تخديش أسماعنا كل يوم وكل ساعة بالقول بـ “صمود المقاومة ” ذلك لعدم وجود هذا المصدر في العربية وحتى إذا جاز اشتقاقه فإنه يعني “سير” وليس “ثبات” تلك المقاومة!

ولم يكتف الكاتب أن يخطئ في مصدر واحد فجاء بمصدر ثان ليس له وجود في العربية. فقد اعتقد أن “غباء” مصدر الفعل “غبي”. لكنه ليس كذلك، فقد كتب صاحب اللسان:

“غَبِيَ الشيءَ وغَبِيَ عنه غَباً وغباوَةً: لم يَفْطُنْ له……… يقال: غَبِيَ عليَّ ذلك الأمرُ إذا كان لا يَفطُن له ولا يعرفُه، والغَباوة المصدر.”

أما كلمة “غباء” التي شاع استعمالها بمعنى الغباوة فليست مصدر الفعل “غبي”. فقد كتب ابن منظور:

“الكسائي: غَبَّيت البئرَ إذا غَطَّيت رَأْسها ثم جَلعت فوقَها تُرابًا؛ قال أَبو سعيد: وذلك التُّرابُ هو الغِباءُ……….وحكى ابن خالويه: أَنَّ الغَباء الغُبارُ”.

وكتب الفيروزأبادي في القاموس: ” والغَباءُ: الخَفاءُ من الأرضِ.”

ولم يسمع عن العرب من استعمل “غباء” مصدرا للفعل “غبي”. فليس حجة ولا صحيحاً أن يقال إنه حكي أن أحدهم قال بجواز استعمال “غباء” والتي تعني الغبار بمعنى الغباوة. ثم لماذا يعدل عن الصواب، إذا عرف، الى الخطأ؟

قل: فلان أكثر إنصافاً من فلان

ولا تقل: فلان أنصف من فلان

كتب الحريري:ويقولون: فلان أنصف من فلان، إشارة إلى أنه يفضل في النصفة عليه، فيحيلون المعنى فيه، لأن المعنى هو أنصف منه، أي أقوم منه بالنصافة التي هي الخدمة لكونه مصدر نصفت القوم، أي خدمتهم فأما إذا أريد به التفضيل في الإنصاف، فلا يقال إلا: هو أحسن إنصافاً منه، أو أكثر إنصافاً، وما أشبه ذلك.

والعلة فيه أن الفعل من الإنصاف أنصف، وأفعل الذي للتفضيل لا يبنى إلا من الفعل الثلاثي لتنتظم حروفه فيه، إذ لو بني مما جاوز الثلاثي لاحتيج إلى حذف جزء منه، ولو فعل ذلك لاستحال البناء هدماً، والزيادة المجتلبة له ثلما، فأما قول حسان بن ثابت:

كلتاهما حلب العصير فعاطني ** بزجاجة أرخاهما للمفصل

فإنما قال: أرخاهما والقياس أن يقال: أشدهما إرخاء، لأن أصل هذا الفعل رخو فبناه منه، كما قالوا: ما أحوجه إلى كذا، فبنوه من حوج، وإن كان قياسه أن يقال: ما أشد حاجته. ولهذا البيت حكاية يحسن أن نعقب بروايتها، ونصوع نشرة بنشر ملحتها، وهي ما رواه أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري عن أبيه قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الربعي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك بن أبي الشمال السعدي قال: حدثنا أبو ظبيانالحماني قال: اجتمع قوم على شراب لهم، فغناهم مغنيهم بشعر حسان:

إن التي ناولتني فرددتها **      قتلت قتلت فهاتها لم تقتل

كلتاهما حلب العصير فعاطني ** بزجاجة أرخاهما للمفصل

فقال بعضهم: امرأته طالق، إن لم اسأل الليلة عبيد الله ابن الحسن القاضي عن علة هذا الشعر، لم قال: إن التي فوحد ثم قال: كلتاهما فثنى فأشفقوا على صاحبهم وتركوا ما كانوا عليه، ومضوا يتخطون القبائل حتى انتهوا إلى بني شقرة وعبيد الله بن الحسن يصلي عندهم فلما فرغ من صلاته قالوا: قد جئناك في أمر دعتنا إليه ضرورة وشرحوا له خبرهم، وسألوه الجواب، فقال: إن التي ناولتني فرددتها، عنى بها الخمر الممزوجة بالماء، ثم قال من بعد: كلتاهما حلب العصير، يريد الخمر المتحلبة من العنب والماء المتحلب من السحاب المكنى عنه بالمعصرات في قوله تعالى: “وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا”. قال المؤلف: هذا ما فسره القاضي عبيد الله بن الحسن القاضي، وكان ممن يرمق بالمهابة، ولا يسمح بالدعابة، وقد بقي في الشعر ما يحتاج إلى كشف سره وتبيان نكته، أما قوله: إن التي ناولتني فرددتها، قتلت قتلت، إنه خاطب به الساقي الذي كان ناوله كأسا ممزوجة لأنه يقال: قتلت الخمر إذا مزجتها، فكأنه أراد أن يعلمه أنه قد فطن لما فعله، ثم ما اقتنع بذلك منه حتى دعا عليه بالقتل في مقابلة المزج.

وقد أحسن كل الإحسان في تجنيس اللفظ، ثم إنه عقب الدعاء عليه بأن استعطى منه ما لم يقتل، يعني الصرف التي لم تمزج، وقوله: أرخاهما للمفصل – يعني به اللسان، وسمي مفصلاً بكسر الميم، لأنه يفصل بين الحق والباطل، وليس ما اعتمده عبيد الله بن الحسن من الإسماح وخفض الجناح مما يقدح في نزاهته، أو يغض من نبله ونباهته. ويضارع هذه الحكاية في وطأة القضاة المتقشفين للمستفتين وتلاينهم في مواطن اللين ما حكي أن حامد ابن العباس سأل علي بن عيسى في ديوان الوزارة عن دواء الخمار، وقد علق به، فأعرض عن كلامه، وقال: ما أنا وهذه المسألة فخجل حامدمنه، ثم التفت إلى قاضي القضاة أبي عمر، فسأله فتنحنح القاضي لإصلاح صوت، ثم قال: قال الله تعالى: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” وقال النبي صلى الله عليه وسلم استعينوا في الصناعات بأهلها.

والأعشى هو المشهور بهذه الصناعة في الجاهلية وقد قال:

وكأس شربت على لذة ** وأخرى تداويت منها بها

ثم تلاه أبو نواس في الإسلام فقال:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ** وداوني بالتي كانت هي الداء

فأسفر حينئذ وجه حامد، وقال لعلي بن عيسى: ما ضرك يا بارد أن تجيب ببعض ما أجاب به قاضي القضاة وقد استظهر في جواب المسألة بقول الله تعالى أولاً، ثم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وسلم ثانياً، وبين الفتيا وأدى المعنى وتفصى من العهدة، فكان خجل علي بن عيسى من حامد بهذا الكلام أكثر من خجل حامد منه لما ابتدأه بالمسألة.”

قل: مأ أحسنَ بياضَ هذا الثوب

ولا تقل: ما أبيضَ هذا الثوب

كتب الزبيدي: “ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات “ما أبيضَ هذا الثوبَ” و “ما أعورَ هذا الفرسَ”. وذلك غلط لأن العرب لم تَبنِ فعل التعجب إلا من الفعل الثلاثي الذي خَصَّته بذلك لَخَفَّتِه، والغالب على “أفعل” الألوانُ والعيوبُ التي يدركها العيان، فإن أردت التعجب من بياض الثوب قلت: ما أحسن بياضَ هذا الثوبَ وما أقبح عور هذا الفرس.”

وكتب الحريري: “ويقولون في التعجب من الألوان والعاهات: ما أبيض هذا الثوب وما أعور هذا الفرس كما يقولون في الترجيح بين اللونين والعورين: زيد أبيض من عمرو، وهذا أعور من ذاك، وكل ذلك لحن مجمع عليه، وغلط مقطوع به، لأن العرب لم تبن فعل التعجب إلا من الفعل الثلاثي الذي خصته بذلك لخفته، والغالب على أفعال الألوان والعيوب التي يدركها العيان أن تتجاوز الثلاثي، نحو ابيض واسود واعور واحول ولهذا لم يجز أن يبنى منها فعل التعجب، فمن أراد أن يتعجب من شيء منها بنى فعلالتعجب من فعل ثلاثي يطابق مقصوده من المدح أو الذم، ثم أتى بما يريد أن يتعجب منه كقولهم: ما أحسن بياض هذا الثوب وما أقبح عور هذا الفرس. وحكم أفعل الذي للتفضيل يساوق حكم فعل التعجب فيما يجوز فيه ويمتنع منه، فكما لا يقال: ما أبيض هذا الثوب ولا ما أعور هذا الفرس لا يجوز أن يقال: هذه أبيض من تلك، ولا هذا أعور من ذاك.

وأما قوله تعالى: “ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا”، فهو هاهنا من عمى القلب الذي تتولد الضلالة منه، لا من عمى البصر الذي يحجب المرئيات عنه، وقد صدع بتبيان هذا العمى قوله تعالى: “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.

وقد عيب على أبي الطيب قوله في صفة الشيب:

إبعد بعدت بياضاً لا بياض له ** لأنت أسود في عيني من الظلم

ومن تأول له فيه جعل أسود هاهنا من قبيل الوصف المحض الذي تأنيثه سوداء، وأخرجه عن حيز أفعل الذي للتفضيل والترجيح بين الأشياء، ويكون على هذا التأويل قد تم الكلام وكملت الحجة في قوله: لأنت أسود في عيني وتكون من التي في قوله: من الظلم لتبيين جنس السواد لا أنها صلة أسود، ومعنى قوله: بياضاً لا بياض له، أي ما له نور ولا عليه طلاوة.

وذكر شيخنا أبو القاسم الفضل بن محمد النحوي رحمه الله، أنك إذا قلت: ما أسود زيدا، وما أسمر عمرا وما أصفر هذا الطائر، وما أبيض هذه الحمامة، وما أحمر هذا الفرس فسدت كل مسألة منها من وجه، وصحت من وجه، فتفسد جميعها إذا أردت بها التعجب من الألوان، وتصح كلها إذا أردت بها التعجب من سؤدد زيد ومن سمر عمرو، ومن صفير الطائر، ومن كثرة بيض الحمامة، ومن حمر الفرس، وهو أن ينتن فوه من البشم.”

 


قل: ما أجمله وما أجملها، وما كان أجملهما

ولا تقل: كم هو جميل وكم هي جميلة

وكتب مصطفى جواد: “ذلك لأن جملة التعجب المشهورة الغالبة هي: ما أفعله وما أفعلها وما كان أفعله، كقولنا: ما أحسنه وما أحسنها وما كان أحسنهما. وللتعجب صيغة أخرى وتعبير آخر فالصيغة هي “أفْعِلْ” كقولك “أحْسِنْ” ولكنها قلما تستعمل اليوم والتعبير الآخر هو كقوله تعالى “كبُرت كلمة تخرج من أفواههم”. ويصعب إدراك معناه في العصر الحاضر والحوار الدائر. أما قولهم “كم هو جميل” بدلاً من “ما أجمله” وقولهم “كم هي جميلة” بدلاً من “ما أجملها” فمن العبارات المترجمة ترجمة حرفية من اللغات الغربية، ترجمها الذين يحسنون لغات الأعاجم ولا يحسنون اللغة العربية تهاوناً بها، (قاتلهم الله) فانهم لو أرادوا أن يحسنوها لأحسنوها. فقل: ما أجمله وما أجملها، وما كان أجملهما للماضي. ولا تقل: كم هو جميل وكم هي جميلة.”

قل: أدى اليه حقه

ولا تقل: أداه حقه

وكتب اليازجي: “ويقولون أداه حقه فيعدون هذا الفعل الى مفعولين وهو تعبير عامي والصواب أدى اليه حقه”. إنتهى

وكتب ابن فارس في المقاييس: “قال الخليل: أدّى فلان يؤدّي ما عليه أداءً وتَأْدِيَةً. وتقول فلانٌ آدَى للأمانة منك.”

قل: أدى اليه كذا مقابل عمله

ولا تقل: أدى اليه كذا لقاء عمله

وكتب اليازجي:”ويقولون أدى اليه كذا لقاء عمله اي مقابل عمله ولم ينقل استعمال اللقاء بهذا المعنى”. إنتهى

وكتب ابن منظور في اللسان: “ولقِيَ فلان فلاناً لِقاء ولِقاءةً، بالمدّ”. فجاءت لقاء مصدر الفعل “لقي”. وجاءت في الكتاب الكريم في أكثر من موضع بهذا المعنى فقال عز من قائل: ” فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا انا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون.”

قل: استند الشيء الى غيره أو استند اليه

ولا تقل: استند عليه أو استند عليه

وكتب مصطفى جواد: “ذلك لأن الإسناد والإستناد يقعان على الشيء الثابت من احدى الجهات لا من جهة العلو فينبغي استعمال “الى” وترك استعمال “على” لأن “على” تفيد الإستعلاء أي الوقوع على الشيء من أعلى لا من الجانب. قال ابن فارس في كتابه المقاييس: ” السين والنون والداء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انضمام الشيء إلى الشيء. يقال سَنَدتُ إلى الشيء أَسْنُدُ سنوداً، واستندت استناداً. وأسندتُ غيري إسناداً. والسِّناد: النّاقة القويّة، كأنها أُسنِدت من ظهرها إلى شيءٍ قويّ.”

وقد ورد في أخبار المعتضد بالله أنه قال لثابت بن قرة الحراني “يا أبا الحسن سهوت ووضعت يدي على يدك واستندت عليها وليس هكذا يجب أن يكون فإن العلماء يعلون ولا يُعلون”. ذكر ذلك ابن أبي اصيبعة وهو مخالف لكلام الفصحاء إن صح النقل ولم يتصرف الراوي بالحديث. وذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة نقلاً من كتاب لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري أن فاطمة عليها السلام قالت: “وإن تعجب فقد أعجبك الحديث الى أي لجأ استندوا وبأي عروة تمسكوا؟”

وجاء في حديث شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي “وكنت ألقاهم منقطعين عن المصر أليس عليهم أميراً كالحجاج ليستندوا اليه”.

قل: سمعَ من صديقه عَتْباً كثيراً

ولا تقل: سمعَ من صديقه عَتَباً كثيراً

وكتب عبد الهادي بوطالب: “فعل عَتَبَ يَعْتِب له مصدران هما عَتْبٌ (بسكون التاء) وعِتاب. وهذه الصيغة تأتي مصدرا لعاتب يُعاتب عِتاباً ومعاتَبةً.
أما صيغة العَتَب (بفتح التاء) فلم ترد إلا في لفظ العَتَبة التي تدل على ما تحت الباب أو بقربها ويجتازها من يدخل البابَ للخروج منها. ونقول: “وصل إلى عَتَبة الباب أو اجتازها”، وتفيد كلمة العَتَبة معنى نقطة البداية. فيقال مثلاً:”نحن على عَتَبة الدخول المدرسي” أو “على عَتَبة شهر رمضان”.”

وفوق كل ذي علم عليم!

وللحديث صلة….

عبد الحق العاني

31 كانون الأول 2015

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image