لنتذكر تشيلي وليس نيو يورك في 11 أيلول!

لا شك ان إعلام الرأسمالية الصهيونية قد نجح في غسل عقول البشر، كل البشر، فلا تكاد تسمع أحدا يتحدث عن أيلول إلا ويذكر الحادي عشر منه وكأنه اليوم الذي استدار الزمان فيه  وعاد كأنه بدأ من جديد.

وليس يعنيني هذا اليوم كثيرا قدر تعلقه بنيو يورك لأني لا يعنيني ما يحدث لشعب أمريكا ما دام هذا الشعب الأنكلو ساكسوني لا يعنيه ما ألحقه بالعالم من ضرر وأذى وخراب وقتل وتدمير في سبعين عاماً لو جمعت جرائم البشرية كلها لخمسة قرون ما وصلت حده.

لكن الذي يعنيني أننا جميعا في فرقة الإنشاد العالمي البائس نتحدث عن الحدث العظيم الذي وقع في نيو يورك وكيف غير معالم الدنيا. لكن حقيقة الأمر هو انه ليس سوى حدث واحد صغير في سلسلة أحداث لا تقل أهمية عنه شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية. فلماذا يكون مقتل الفين من الأمريكيين أهم من مقتل مئات الآلاف من المدنيين في هيروشميا؟ ولماذا يكون قتل المدنيين في نيو يورك أهم من قتل ألف طفل وامرأة في ملجأ العامرية في بغداد؟ ألا يعني هذا أن كل أمريكي أهم من ألف طفل ياباني؟

وقد يكون المواطن الأمريكي، الجاهل بالفطرة، لم يسمع بملجأ العامرية أو انه نسي هيروشيما، فما بال انساننا العربي والذي يحرص على تذكر الكارثة العظمى في نيو يورك لا يتذكر مجزرة العامرية التي أحرق فيها الصهانية نساء العرب واطفالهم حين كانوا يحتمون من العدوان؟ وربما يكون السؤال الأدق للعرب جمعاُ: هو كم منهم يعرف شيئاً عن جريمة مذبحة ملجأ العامرية، أو بقدر ما يعرفه عن مقتل الأمريكيين في نيو يورك؟ولماذا؟

ولن أدخل في حقيقة ما حدث في نيو يورك حيث إنه لا يعنيني ما اذا كان الحدث من ترتيب المحافظين الجدد في أمريكا من أجل ايجاد الذرائع لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ بغزو العراق وما زال مستمراً في خراب ليبيا وسورية. أم ان الحدث تم فعلا من قبل عناصر اسلامية كما يدعي الأمريكيون. وحيث إنهم صناع الكذب فقد لا نعرف الحقية أبداً.

لكن الذي يعنيني أني أتذكر هذا اليوم، والذي يسبق عيد ميلادي بيوم احد، لحدث هو عندي أكبر أهمية لما حدث ويحدث لشعب الولايات المتحدة المجرم الذي خرب وطني.

ففي مثل هذا اليوم من عام 1973 قامت حفنة من الضباط يقودهم الجنرال أوغستو بينوشيه بتدبير ودعم كامل من وكالة المخابرات الأمريكية (سيدة وصانعة الإنقلابات منذ الحرب العاليمة الثانية)، قامت بانقلاب عسكري على حكومة الرئيس التشيلي سلفادرو أيندي. وانهى الإنقلاب الدموي الذي قامت به الرأسمالية الصيهونية مرحلة من مراحل التحرر الحقيقي لشعوب جنوب أمريكا برغم أن تلك المرحلة ولدت على وفق قواعد الرأسمالية في خلق النظام الديموقراطي.

ليس هذا مهما ذلك لأن الرأسمالية الصهيونية تكتب القواعد وهي تتحرك. فالذي لا يناسبها يمكن نقضه اليوم وان كان متفقا مع ما قالته بالأمس.

وقد أدان القضاء البريطاني، برغم كل الضغط الصهيوني، بنو شيه لاحقاً لجرائمه في تعذيب شعب تشيلي. لكن بنو تشيه ومن كان معه ومن دعمه دخلوا، في اعتقادي وانا حر في ما أعتقد،  مزبلة التأريخ.

إنما يبقى القائد والمناضل أيندي شعلة مضيئة في طريق كل الأحرار في العالم. ذلك لأن ذلك الطبيب المثقف لم يكن عسكريا ولا مقاتلا لكنه حين تعرض وجوده ووجود شعبه وما يؤمن به للعنف الإستكباري الصهيوني حمل السلاح كرفاقه الآخرين وقاتل وأستشهد من أجل ما يؤمن به أمام قوم لا يؤمنون بشيء.

حبذا لو يكف العرب عن الحديث عن 11 أيلول في أمريكا ويتذكروا شيئا من مجد وكرامة أيندي ورفاقه.

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image