كي لا ينسى العراقيون – مذبحة ملجأ العامرية والنفاق الروسي

لعل واحدة من أكثر الهجمات وحشية في حرب عام 1991 وقعت في الساعات الأولى من يوم 14 شباط 1991 حين أصابت القنابل الدقيقة التي أسقطتها الطائرات الأمريكية ملجأ العامرية المدني في بعداد. يومها كانت بغداد بدون كهرباء وكان الملجأ يعتمد على مولد الطوارئ. أصابت القنبلة الأولى عمود التهوية وبدأت الحرائق في الداخل. تسبب الهجوم كما كان مقصوداً في تصميمه في إغلاق أبواب الملجأ على الفور. وبينما كان رجال الإطفاء يحاولون يائسين فتح الأبواب وإخماد الحرائق وقع الهجوم الدقيق الثاني. وكان هذه المرة أكثر شناعة وتدميراً. فقد كانت القنابل المستخدمة قنابل اختراق خاصة غير معروفة على الأرجح للمصمم الفنلندي الذي قام بتصميم الملاجئ.

اخترقت القنابل طبقة الأرض التي يصل سمكها إلى متر ومرت عبر متر واحد من الطبقة الخرسانية المسلحة عبر الطابق العلوي وعبر متر آخر من طبقة خرسانية مسلحة إلى الطابق السفلي. تسبب تأثير القنبلة في انفجار شمل المياه وخزانات الوقود والمسخن مما أدى إلى ملئ الطابق السفلي بمزيج من الماء المغلي والوقود على ارتفاع مترين. وقتل جميع أفراد الفريق الطبي على الفور وتم تدمير مصدر طاقة الطوارئ مما جعل جميع أنظمة دعم الحياة معطلة. وولدت القنبلة في الطابق العلوي حرارة هائلة تقدر بحوالي 4000 درجة أحرقت الناس. كان هناك في وقت الهجوم أكثر من 1500 مدني في الملجأ. ونجا من بين هؤلاء الأشخاص 11 شخصاً فقط بعد تعرضهم لدرجات مختلفة من الجروح والحروق والصدمات النفسية. تم القضاء على عائلات بأكملها كما كان يمكن رؤيته بعد ذلك من منازلهم المغلقة في العامرية. وتم العثور على جثث أفراد الفريق الطبي عائمة في خليط الوقود المائي في الطابق السفلي. ويقول القائمون على رعاية الملجأ أن الجدران السوداء المحترقة ما تزال تحتوي على جلد بشري ولحم ملتصق بها.

واليوم تذكرنا روسيا الإتحادية عن طريق قناة “روسيا اليوم” بالجريمة. وليس هذا اكنشافاً جديدا لروسيا فقد كانت على علم بالجريمة يوم وقوعها. فلماذا لم تطلب من مجلس الأمن أن يجتمع لسؤال المجرمين عنها وهي تطلب اليوم من مجلس الأمن أن يجتمع لعرض جرائم أصغر من مذبحة العامرية؟ ولا شك أن أكثر من معترض سيرد بأن روسا عام 1991 لم تكن روسا الإتحادية في عهد بوتين. وهذا صحيح. لكن حكم بوتين هو الذي وافق على قرا مجلس الأمن 1441 الذي أعطى الضوء لغزو العراق، وحكم بوتين هو الذي صادق على القرار 1483 الذي أعطي الصهاينة سلطة حكم العراق بعد غزو 2003. بل إن روسيا وافقت على كل قرارات مجلس الأمن التي أدت الى “تفتيت أمة” كما تسميها “روسيا اليوم” في تغطيتها الجديدة لذكرى غزو العراق؟ وجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.

أليس من المعيب أن تسكت روسيا عن كل الجرائم ثم تعود اليوم لتتاجر بضحايانا من أجل خدمة معركتها اليوم حين اكنشفت عجز محاولاتها للقبول في النادي الصهيوني بعد عقود من المشاركة في الجريمة عن طريق الصمت والمجاراة.

لعن الله الولايات المتحدة، لعن الله كل من والاها وتحالف معها وأعطاها قواعد في أرض العرب.

1Al-Husaini, Hashim, ‘Al-Amiriya Shelter, The Silence of the Lambs’, The Arab Review, Summer 1995, Vol. 4, No. 3.

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image