قل ولا تقل / الحلقة الخمسون

إذا كنا نعاقب من يعتدي على الأثر التأريخي أو البيئة ألا يجدر بنا أن نعاقب من يهدم لغتنا؟

إن اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (م ج)

 

قل: هو من الطلبة المجيدين أو الفائقين
ولا تقل: هو من الطلبة المتميزين

شاع في الإعلام وفي دوائر التعليم في الوطن العربي إستعمال كلمة “متميز” لتعني المجيد أو الفائق بين اقرانه. وهو خطأ غير مقبول ذلك لأن التميز يعني الإختلاف وهذا لا يعني أن يشترط في المختلف أن يكون أفضل من غيره كما يراد من إستعمال “المتميزين” حين يراد بها أنهم يفضلون على أقرانهم.

فكتب ابن منظور في اللسان: ” المَيْزُ: التمييز بين الأَشياء. تقول: مِزْتُ بعضه من بعض فأَنا أَمِيزُه مَيْزاً، وقد أَمازَ بعضَه من بعض، ومِزْتُ الشيءَ أَمِيزُه مَيْزاً: عزلته وفَرَزْتُه، وكذلك مَيَّزْتُه تمييزاً فانْمازَ. ابن سيده: مازَ الشيءَ مَيْزاً ومِيزَةً ومَيَّزَهُ: فصل بعضه من بعض. وفي التنزيل العزيز: حتى يَمِيزَ الخَبِيثَ من الطَّيِّبِ، قرئ: يَمِيزَ من مازَ يَمِيزُ، وقرئ: يُمَيِّزْ من مَيَّزَ يُمَيِّزُ، وقد تَمَيَّزَ وامَّازَ واسْتَمازَ كله بمعنى………… وفي التنزيل العزيز: وامْتازوا اليومَ أَيُّها المُجْرِمُونَ؛ أَي تَمَيَّزوا، وقيل: أَي انْفَرِدُوا عن المؤمنين…….وفي التنزيل العزيز: تَكادُ تَمَيَّزُ من الغَيْظِ. وتَمَيَّزَ من الغَيْظِ: تَقَطَّع.”

وهكذا يبدو أن ابن منظور لم يأت بشاهد على أن العرب استعملت الفعل “ماز” أو “ميز” بمعنى فضل. لكن صاحب القاموس اختلف مع ابن منظور فكتب في القاموس:

“وماز الشيءَ: فضَّلَ بعضَه على بعضٍ” واكتفى بهذا دون شاهد من شعرالعرب كما أن شواهد القرآن جميعاً تشير لإستعمال الفعل بمعنى الإختلاف وليس التفضيل كما أعلمنا الفيروزأبادي. وقد يكون من الإنصاف التعلل بأن ما نقل عن الفيروزأبادي في النسخة التي بين يدي هي خطأ مطبعي وقع في نقل الفغل “فصل” لكي يصبح “فضل” . فقد أورده ابن منظور في اللسان في باب “ميز” حين كتب “ابن سيده: مازَ الشيءَ مَيْزاً ومِيزَةً ومَيَّزَهُ: فصل بعضه من بعض.” فإن صح هذا فلا يكون صاحب القاموس قد خالف الأخرين وامتاز عنهم.

أما في الإجادة فقد كتب ابن منظور في باب “جود”: “وقد جاد جَوْدة وأَجاد: أَتى بالجَيِّد من القول أَو الفعل. ويقال: أَجاد فلان في عمله وأَجْوَد وجاد عمله يَجود جَوْدة، وجُدْت له بالمال جُوداً. ورجل مِجْوادٌ مُجِيد وشاعر مِجْواد أَي مُجيد يُجيد كثيراً.” فلو استعملنا “المجيد” لكان أوفى للمقصود من استعمال “المتميز”.

أما في استعمال كلمة “فائق” فقد سبق لنا أن نقلنا عن مصطفى جواد في الحلقة (46) من هذه السلسة ما يلي: ” قال مؤلف لسان العرب نقلاً عن أئمة العربية في لسانه: “فاق الشيء فَوقاً و فَواقاً: علاه وتقول: فلان يفوق قومه أي يعلوهم ويفوق سطحاً أي يعلوه. وقال ابن الأعرابي: الفَوَقة: الأدباء الخطباء”. وقال الجوهري في الصحاح: “فاق الرجل اصحابه يفوقهم أي علاهم بالشرف”. وقال الزمخشري في أساس البلاغة: “وفاق قومه: فضلهم ورجل فائق في العلم”. وقال صاحب القاموس المحيط في قاموسه: “فاق أصحابه فوقاً وفَواقاً: علاهم بالشرف”. وعلى هذا ينبغي أن يقال: فاق فلان غيره في الإمتحان أو العلم فوقاً وفَواقاً فهو فائق وكان هؤلاء الفَوَقة في الإمتحان والفائقين، وقد أجيز الفائق بجائزة لفواقه الآخرين.”

فقل: هو من الطلبة المجيدين أو الفائقين، ولا تقل: هو من الطلبة المتميزين إذا أردت أنه يفضل عليهم وليس فقط يختلف عنهم.


قل: أرصد مبلغاً للعُمران يرصده فالمبلغ مُرصد للعمران
ولا تقل: رَصَد مبلغاً له فالمبلغ مرصود

وكتب مصطفى جواد: “وذلك لأن “رصد الشيء يرصده رصداً” معناه رقبه يرقُبه رقابة، والحيوان يرصد غيره للوثوب عليه، ومنه رصد النجوم الكواكب أي رقبانها في حركتها وجريانها وسريانها، فهذا وما قاربه من معاني رصد الثلاثي لا يؤدي المعنى المراد فينبغي استعمال “أرصد يرصُد إرصاداً” للمعنى المشار اليه.

جاء في لسان العرب وهو مجموع من عدة معجمات لغوية: “وأَرصَدَ له الأَمر: أَعدّه….. وأَرْصَدْت له شيئاً أُرْصِدُه: أَعددت له. وفي حديث أَبي ذر: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ما أُحِبُّ عِندي منه دينارٌ إِلاَّ دينار أُرْصِدُه أَي أُعِدُّه لدين؛ ويقال: أَرْصَدْتُ له العقوبة إِذا أَعددتها له، وحقيقتُه جعلتها له على طريقه كالمترقبة له….. وفي حديث الحسن بن علي وذكر أَباه فقال: ما خَلَّف من دنياكم إِلا ثلثمائة درهم كان أَرصَدَها لشراء خادم. وروي عن ابن سيرين أَنه قال: كانوا لا يَرْصُدون الثمار في الدَّيْن وينبغي أَن يُرْصَد العينُ في الدَّيْن؛ قال: وفسره ابن المبارك فقال إِذا كان على الرجل دين وعنده من العين مثله لم تجب الزكاة عليه، وإِن كان عليه دين وأَخرجت أَرضه ثمرة يجب فيها العشر لم يسقط العشر عنه من أَجل ما عليه من الدين، لاختلاف حكمهما وفيه خلاف.” انتهى المنقول.

وجاء في نهج البلاغة “واخذوا يميناً وشمالاً طعناً في مسالك الغي وتركاً لمذاهب الرشد فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد ولا تستبطئوا ما يجيء به الغد” وقوله “ماهو كائن مرصد” معناه ما هو حادث معد. وجاء فيه أيضاً “أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال ووقف لكم الآجال وألبسكم الرياش وأرفع لكم المعاش وأحاط بكم الإحصاء وأرصد لكم الجزاء”. قال عز الدين عبد الحمدي بن ابي الحديد الشافعي المدائني: “قوله: وارصد يعني أعدّ وفي الحديث: “إلا أن أرصده لدين علي”. وجاء فيه أيضاً في وصف القرآن المجيد وذكر المعاملات “ومباين بين محارمه من كبير أوعد عليه نيرانه أو صغير أرصد له غفرانه”.

وقال أمية بن أبي الصلت الثقفي في مجمهرته:

وأرصد لريب الدهر جُردا       لها ميماً وماذيّا حصينا”

قل: قد تأذّيت بالدُّخَان (بتخفيف الخاء)
ولا تقل: قد تأذّيت بالدًّخّان (بتشديد الخاء)

وكتب الكسائي: ” وتقول: قد تأذّيت بالدُّخَان بتخفيف الخاء. قال الله تعالى “فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين”. فإذا جمعت قلت: رأيت دَوَاخِنَ الحيَّ. قال الكميت بن زيد الأسدي:

وأيسارٍ إذا الأبرام أمسوْا        لَغِشيانِ الدَّواخِنِ آلفينا”


قل: جاء فلانٌ باضبارة من كتب
ولا تقل: جاء فلانٌ بملف من كتب

شاع بين العرب الحديث عن “ملف” القضية أو الموضوع. وهم يريدون إضبارة تجمع الوثائق والأوراق التي تخص القضية أو الموضوع. وهذا الإستعمال القبيح جاء من التغرب الفكري للعرب في كل شيء. فهو ترجمة بائسة للكلمة الإنكليزية “File”. وكأن العرب لم يكن لديهم كلمة تعبر عن الحاجة لجمع الكتب والرسائل والوثائق، أي ان الفكر العربي الذي غطى أبواب المعرفة لم يعرف كلمة لتعبر عن تلك الحاجة. والأمر ليس كذلك. فقد كتب إبن السكيت: “وتقول: جاء فلانٌ باضبارة من كتب، وبإضمامة من كتب، وهي الأضابير والأضاميم، ويقال: فلان ذو ضبارة، إذا كان مشدد الخلق مجتمعه، ومنه سمي ابن ضبارة، ومنه قيل: ضبر الفرس، إذا جمع قوائمه ووثب، ومنه قيل للجماعة يغزون: ضَبْر، قال الهذليّ:
ضَبْرٌ لبساهم القتير مُؤَلَّب.”


قل: حَلَقَ لِحَيَتَهُ بموسَى
ولا تقل: حَلَقَ لِحَيَتَهُ بموسٍ

وكتب الزبيدي: “ويقولون للحديدة التي يقطع بها ويحلق “مُوسٌ” ويعودون الى أصلهم في الخطأ فيجمعونها “أمْواسَاً” حتى قال بعض شعرائهم:

بَرِئتُ من مَجْمٍ ومن فُلُسِهِ

وحَلْقِهِ لِحيَتِهِ بِمُوسِهِ

والصواب “مُوسى” يقال: هذه مُوسى جيدة. وزعم الأموي أن “مُوسى” مُفْعَل مُذَكَّر وصَرَّف لها فِعْلاً فقال: أوسَيتُ راسَهُ إذا حَلَقْتَه. وقال الكسائي: موسى فُعلى مُؤَنَّثَة.

وأكثر اللغويين على أن الألف في “موسى” لغير التأنيث ولذلك ما يلحقونها التنوين وهو مذهب سيبويه.”

وقال بعض الأعراب في حكاية له “بموسى خَذِمَة في جَزُورٍ سَنِمَة في غَدَاة شَبِمَة” والشبمة الباردة.

ويجمع “مُوسى” على “مَواس” وأنشدنا أبو علي قال أنشدنا أبو العباس عن أحمد بن عبيد المَقَّاس الفقعسي:

عّذَّبُوني بعذابٍ            قلَعوا جَوْهَرَ راسي

ثم زادُوني عَذَاباً           نَزَعُوا عَنِّيَ طاسي

بالمُدى حُزِّزَ لَحمي        وبأطرافِ المَواسِي


قل: شَحَذَ المُوسى على المِسنِّ
ولا تقل: شَحَذَ المُوسى على المُسنِّ

كتب الزبيدي: “ويقولون للحجر الذي يشحذُ الحديد عليه “مًسَنٌّ” والصواب “مِسَنٌّ” بكسر أوله، ويقال له أيضاً: السنان” وزعم الأصمعي أنه الذي عنى امرؤ القيس بقوله:

يُباري شَباةَ الُّمْحِ حَدٌّ مَذَلَّقٌ        كَحَدِّ السِّنانِ الصُّلَّبيُّ النَّحِيِضِ

و”الصُّلَّبِيّة” حجارة المسن ويقال أيضاً للمِسَنِّ “خِضَمٌّ”، قال أبو حمزة:

حّرَّى مُوَقَّعَةً مَاجَ البَنانُ بها             على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجَّاحِ” إنتهى


قل: هي صبور على عملها وفخور به وهو صبور على عمله وفخور به وهن فخورات وفخائر
ولا تقل: هي صبورة على عملها فخورة به

كتب الحريري: ويقولون: “امرأة شكورة ولجوجة وصبورة وخؤونة، فيلحقون هاء التأنيث بها، فيوهمون فيه لأن هذه التاء إنما تدخل على فعول إذا كان بمعنى مفعول كقولك: ناقة ركوبة وشاة حلوبة، لأنهما بمعنى مركوبة ومحلوبة، فأما إذا كان فعول بمعنى فاعل، نحو صبور الذي بمعنى صابر ونظائره، فيمتنع من إلحاق التاء به، وتكون صفة مؤنثة على لفظ مذكره، قال الشاعر:

ولن يمنع النفس اللجوج عن الهوى ** من الناس إلا واحد الفضل كامله

وقد ذكر النحويون في امتناع الهاء من هذه الصفات عللا، أجودها أن الصفات الموضوعة للمبالغة نقلت عن بابها لتدل على المعنى الذي تخصصت به، فأسقطت هاء التأنيث في قولهم: امرأة صبور وشكور وقبيله، وفي قولهم: فتاة معطار ونظائره، كما ألحقت بصفة المذكر في قولهم: رجل علامة ونسابة، ليدل ما فعلوه على تحقيق المبالغة، ويؤذن بحدوث معنى زائد في الصفة، وامتناع الهاء من فعول بمعنى فاعل أصل مطرد لم يشذ منه إلا قولهم: عدوة الله، فإنهم ألحقوا بها الهاء، فقالوا: عدو وعدوة، ليماثل قولهم: صديق وصديقة لأن الشيء في أصول العربية قد يحمل على ضده ونقيضه كما يحمل على نظيره ورسيله.
وفي أخبار النحويين أن أبا عثمان المازني سئل بحضرة المتوكل على الله عن قوله تعالى: “وما كانت أمك بغيا”  فقيل له: كيف حذفت الهاء من بغي، وفعيل إذا كان بمعنى فاعل لحقته الهاء نحو فتي وفتية وغني وغنية فقال: إن لفظة بغي ليست بفعيل، وإنما هي فعول الذي بمعنى فاعلة، لأن الأصل فيها بغوي، ومن أصول التصريف أنه متى اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، كما قالوا: شويت اللحم شياً، وكويت الدابة كياً، والأصل فيهما شوياً وكوياً، وكما قيل: يوم وأيام، والأصل أيوام فعلى هذه القضية قيل: بغي، ووجب حذف الهاء منها، لأنها بمعنى باغية، كما تحذف من صبور التي بمعنى صابرة.
وهذا العقد الذي ذكرناه في قلب الواو ياء إذا اجتمعتا، وكان السابق منهما ساكناً أصل مطرد لم يشذ منه إلا حيوة اسم رجل، وضيون، وهو اسم للهر. وحكى الفراء أنهم قالوا: عوى الكلب عوية، وليس الشاذ مما يلتفت إليه، ولا يعاج عليه.

وكتب مصطفى جواد: “وذلكم لأن “فعولاً” الوصف يستوي فيه المذكر والمؤنث ويجمع لكليهما على “فُعُل” ويستقل المؤنث ويستأثر بفعائل. ونحن نرى أن الأصل في الأوصاف والأفعال هو التذكير لأسباب أولها أن التذكير هو الغالب على التأنيث في مسموع اللغة كفعول هذا بمعنى فاعل وفعيل بمعنى مفعول كقتيل بمعنى مقتول، وثانيهما استغناء الصفات الأنثوية عن التأنيث لعدم وجود إشتراك فيها كحامل وطالق، والثالث أن التأنيث جاز تركه حتى في الصفة المشتركة نحو “جارية بالغ”، والرابع وجود التذكير فيها مشترك بينه وبين التأنيث كقوله تعالى “إن رحمة الله قريب من المؤمنين”، وقول العرب جوازاً “هي صديقي” أي صديقتي، والخامس تذكير الخبر المحتاج الى علامة التأنيث نحو “فقلت لها إن الكرام قليل” وإن كان التأنيث فيه لإفادة الجمع.”

وكتب عبد الهادي بوطالب في ذلك: “من القواعد اللغوية أن صيغة فَعول التي تفيد المبالغة لا تؤنث. فنقول: “رجل صَبورٌ وامرأة صَبورٌ”. وذلك بشرط أن يذكر قبلها الموصوف كما هو في هذين المثالين. كما أن هذه القاعدة تطبق في وزن فَعِيل بمعنى مفعول كجريح وقتيل. فنقول: “رجل جريح أو قتيل” و”امرأة جريح أو قتيل” فإذا لم يذكر الموصوف فالواجب هو تذكير المذكر (جريح) وتأنيث المؤنث (جريحة) لئلاّ يقع الالتباس. ونقول : “رأيت جريحاً أي رجلاً جريحاً” و”شاهدت قتيلة (أي امرأة) بين القتلى”.

وكتب ابراهيم السامرائي: “وقرأت أيضاً: “الناس الصبورون على الغلاء” أقول: والمسموع في العربية أن الوصف على (فعول) يأتي جمعه على فُعُل” بضمتين، قال تعالى: “تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض”، و”الرسل” جمع رسول، وليس لنا أن نقول: رسولون. وكذلك نقول: “صُبُر” ولا نقول: “صبورون”.


قل: هذا أخي الأكبر أو هذا أخي الذي هو أكبر مني
ولا تقل: هذا أخي الأكبر مني

وكتب اليازجي: “ويقولون والأعجب من ذلك أن الأمر كذا وكذا وهذا أخي الأكبر مني، ومن هذا قول السيوطي في المقامة الوردية: والأشرف من كل ريحان فخراً. والمقرر في كتب النحاة أن ال ومن لا تجتمعان مع أفعل التفضيل. فالصواب أن تحذف إحداهما فيقال والأعجب أن الأمر كذا أو وأعجب من ذلك أن الأمر كذا وهذا أخي الأكبر أو أخي الذي هو أكبر مني وقس على ذلك.”


قل:
فلان يعرف ما يجري في دهاليز السياسة
ولا تقل: فلان يعرف ما يجري في كواليس السياسة

وكتب عبد الهادي بوطالب: “كوليس” مفردةً وكواليس جمعاً دخلتا اللغة العربية من الفرنسية (Coulisse) وأثبتتهما المعاجم العربية الحديثة.
و”كوليس” المفرد غير شائع في الاستعمال، وإنما الشائع هو كواليس جمعاً. والكواليس هي أماكن على المسرح لا يراها المشاهدون. ويكون فيها الممثِّلون قبل أن يظهروا على المسرح.

وتطورت الكلمة لِتدلَّ على قاعة خلفية مجاورة لمكان الاجتماع يتفق فيها المجتمعون على ما ينبغي أن يُعرض على المؤتمِرين. إنها كالمطبخ بالنسبة للبيت. ثم أصبحت تدل على الممرات المؤدية إلى مكان الاجتماع، وعلى ما يُهَيَّأ في الخفاء قبل الإعلان عنه.
ونقول بمقتضى ذلك. “فلان يعرف ما يجري في كواليس السياسة”. ونقول: “هذا الأمر غير مؤكد الوقوع، لكن يجري الحديث عنه الآن في الكواليس وربما يظهر للوجود قريبا”.

يمكن تعويض هذه الكلمات بعدة كلمات عربية تقترب منها على حسب السياق الذي تُسْتَعْمَل فيه. فكواليس السياسة يمكن التعبير عنها بخبايا السياسة، أو بكلمة دِهْليز وجمعها دهاليز. وهو المدخل بين الباب والدار. فنقول ظهر للعموم ما كان يجري في دهاليز السياسة، أو بكلمة مُنْعطَفات (مفرد مُنعَطَف) ونقول: “هذا فقط حديث المُنعطَفات”. ومُنعطَف الطريق، هو مُنحناه ونقول: “اختفى عند مُنْعَطَف الطريق”. إنتهى

فاستعمال “دهليز” وإن كانت معربة عن الفارسية “داليج” هو أفصح من كلمة “كوليس” فقد استعملها العرب لألف سنة.

 

وفوق كل ذي علم عليم!

وللحديث صلة….

عبد الحق العاني

30 أيار 2015

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image