ليس لسورية غير الحل العسكري

لم أكتب كثيرا عن خراب سورية في السنوات الخمس الماضية ليس تقاعساً ولكن لأن جديداً لم يقع حيث ما زالت المعركة هي كما بدأت باسبابها وأدواتها. وما زلت أؤمن كما كتبت منذ أربع سنوات أن الحل الوحيد في سورية هو الحل العسكري بمعنى أن خراب سورية لن يتوقف حتى ينتصر طرف على آخر. فقد كتبت هذا حين كان الحديث على أشده من أغلب الأطراف والمعلقين بضرورة اللجوء للحل السلمي لأنه الحل الوحيد. وما زلت اليوم على ذلك الرأي!

وليست هذه القناعة نابعة عن رغبتي في استمرار الخراب في سورية بل على العكس من ذلك فان أي سوري يقتل هو ضياع من هذه الأمة وأي بناء يهدم فهو ضياع من موجودات هذه الأمة. لكن قناعتي بأن الحل العسكري وحده هو الممكن ناتج عن فهمي لحقيقة المعركة وطبيعتها.

وأمس أغناني أحدهم عن الحاجة لكتابة مقال طويل كي أبين ذلك فيقتنع من اختار أن تكون على عينيه غشاوة. إذ قال اللورد ريتشارد وهو رئيس أركان الجيش البريطاني بين عامي 2010-2013 للإذاعة البريطانية: “إن على بريطانيا أن تقبل بأن الغرب خسر الحرب في سورية…….فقد تمكن فلاديمير بوتن وبشار الأسد  من التغلب على امم الغرب بخططهم الواضحة.”

وكلام اللورد ريتشارد هذا يغنيني عن اثبات أطراف المعركة لمن يعتقد أن في سورية ثورة ضد نظام البعث أو نظام الأسد أياً كانت التسمية. فحين يصرح رئيس أركان دولة تشكل ركناً أساساً في دول مشروع الإستكبار الصهيوني العالمي بأنهم خسروا الحرب في سورية فهو يعلن صراحة أنهم في حرب مع سورية أي أن الحرب في سورية وضد سورية هي حرب تشنها الصهيونية العالمية التي تتمركز في لندن وتعمل في واشنطون وتتنفس في باريس. وهذه حقيقة لا يمكن أن يتهم بشار الأسد ولا حكومته باختلاقها، فقد اقر بها الصهاينة انفسهم.

وحين أقول هذا فاني لا أعني أن كل من حمل السلاح ضد حكومة البعث في دمشق يعمل أجيراً للصهيونية لكنه بلا شك يخدم المشروع الصهيوني ذلك لأن أي اضعاف لسورية هو نصر للصهيونية، تماما كما حدث في العراق حين تمكنت الصهيونية من حل الجيش العراقي وتفكيك الدولة العراقية، ولأمد غير منظور، دون أن يقتل جندي اسرائيلي واحد. وهذا ما كتبه رمسفيلد في مذكرته الداخلية قبل غزو العراق، والتي كشفها الجنرال ويسلي كلارك عام 2007، حين قرر رمسفيلد أن دولته عازمة على أن تسقط سبع نظم في خمس سنوات وهي العراق وسورية ولبنان وليبيا والصومال والسودان وايران. وقد تحقق الكثير من تلك الخطة.

وقد يقول قائل: ماذا عن السوريين وغيرهم ممن جاؤوا من كل أنحاء الأرض، أجاؤوا ليقاتلوا من أجل أمريكا؟

وكي نجيب على هذا السؤال علينا أن نفهم أن المشروع بأهدافه وليس بالضرورة بأدواته. فحين كان الهدف تفتيت العراق استخدمت الصهيونية التشيع السياسي في العراق أداة لها وسلمته العراق ليهدم ما لم تهدمه هي. وحين انتقلت لتفتيت سورية استخدمت التسنن السياسي في سورية ومدته بكل ماتمتلك من خبرة وسلاح وتقنية ومال. وهكذا فان المشروع، والمتمثل في الحرب التي شنتها الصهيونية على الأمة العربية منذ سايكس بيكو، هو نفسه وبأهدافه. انما الذي تغير هو الأداة فبعد أن كانت الصهيونية في السابق تعتمد الإنقلابات العسكرية كما فعلت في سورية والعراق وفي الإنفصال بين سورية ومصر، وجدت سبيلاً جديداً بعد ان انقرض عهد الإنقلابات. وسبيلها الجديد هو تحريك الإسلام السياسي!

وهو أي الإسلام السياسي قائم على الغريزة لا العقل فلا يمكن لمن يحكم عقله أن يؤمن بامكانية قيام دولة اسلامية اليوم على غرار دول بني أمية أو بني العباس. أما في تحريك الغرائز فكل شيء ممكن… فلماذا لا يمكن غريزياً قيام دولة اسلامية على غرار السلف الصالح؟

وهكذا تمكنت الصهيونية من الإعتماد على غرائز المسلمين في خراب أرض العرب وقد انتفعت كثيرا من الحقيقة المرة في ان الإسلام أصبح بيد الإعاجم الذين يجهلون القرآن ويفتون في الدين، فهل سمعتم صينياً يفتي في التوراة، فلماذا يفتي الأفغاني والفارسي والشيشاني في القرآن؟

إن خلاصة كل هذا هو أن ما يحدث في أرض العرب ليس ربيعاً ولا ثورة إنما هو مشروع تمكن صهيوني بأدوات إسلامية مذهبية!

وحين تدرك هذه الحقيقة يمكن معرفة سبب تأكيدي منذ أربعة أعوام أن لا حل في سورية غير الحل العسكري. وهو ما أكده أمس اللورد ريتشارد.

دعونا نتوقف قليلاً لننظر من يقاتل من في سورية. وذلك قبل أن نبحث في الخلاف السياسي.

ولست أريد هنا أن أضع أحكاما ذاتية رغم أن لي رأياً في هذا بل إني أعرض الأمر كما هو عليه والنتائج التي تأتي من نتيجة الصراع.

فما من شك في أن الدولة السورية المتمثلة ببشار الأسد تقاتل تمردأ عسكرياً واسعاً انتشر في كل أرجاء سورية. وهذا التمرد ضم آلافاً من السوريين والتحق به آلاف من مسلمي الأرض ودعمته دول غنية بمالها ودول قوية باسلحتها وتقنياتها ومعلوماتها. وفتحت له الحدود ليتمون ويجند ويتحرك، وهو ما اعترف به رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم في مقابلة مع هيئة الإذاعة الريطانية مؤخراً حيث قال إن أية تدخلات حصلت في سورية تمت بمباركة عربية ودولية ومن ضمن ذلك تزويد المعارضة السورية بالسلاح. وهذا التمرد في شكله الحالي ليس متفقاً على شيء سوى هزيمة الدولة السورية، كما ان حلفاءه وداعميه ليسوا متفقين على كل شيء لكنهم جميعاً يصرحون بان هدفهم تغيير نظام البعث في سورية كما حدث في العراق.

ولا شك في ان الدولة السورية حصلت على دعم من ايران وحزب الله أولاً ثم شاركت روسيا في الدعم لاحقاً. ولا شك في انه لولا الدعم الخارجي لسورية لتمكن التمرد من تغيير النظام. كما ان مما لا شك فيه هو أن هذا التمرد كان سيقضى عليه في أشهر لولا الدعم الخارجي.

ولا شك أن المنتفع الأكبر مما يحدث في سورية، وأيا كانت النتيجة، هو اسرائيل!

وقد وضع النظام السياسي والقانوني الدولي، وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، قواعد اتفقت دول العالم على العمل بموجبها وقد لا تكون مثالية كما هو الحال في ميثاق الأمم المتحدة لكننا ليس لدينا غيرها. ومن قواعد هذا النظام الإحترام المطلق لسيادة الدول ومنع أي عدوان أو حتى تدخل في شؤون اية دولة. وهكذا فان أكثر دول العالم سارعت لإرسال قواتها لاخراج الجيش العراقي حين تجاوز على سيادة الكويت. ولعل من المفارقة أن أغلب تلك الدولة التي حرصت على سيادة الكويت تشارك اليوم في خرق سيادة سورية!

وقد منع النظام الدولي استعمال القوة بين الدول  بل ان محكمة العدل الدولية، وهي الفيصل في حسم النزاعات بين الدول، ذهبت أبعد من ذلك فقضت بان مجرد التهديد باستعمال القوة هو جريمة!

وهكذا فانه بموجب هذه القواعد التي تحكم العلاقات بين الدول تكون سورية دولة معتدى عليها من عدة دول بشكل مباشر أو غير مباشر وان كان لا يوجد فرق بين الإثنين في المفهوم القانوني للمشاركة في الجريمة. ويكون من حقها القانوني الدفاع عن نفسها والرد على أية دولة تشارك في العدوان عليها.

أما ما يتعلق بما يحدث في سورية من تمرد مسلح فانه ليس فقط من حق الدولة السورية بل من واجبها القضاء على التمرد ذلك لأن قواعد السماء والأرض تقضي بأن ولي الأمر مكلف بتوفير الأمن والأمان لمن في ولايته. وليس مهما كيف وصل ولي الأمر للحكم. لكنه ما أن حكم حتى أصبح صاحب الحق في حماية رعيته. والنظام الحاكم في سورية هو النظام الشرعي المعترف به دولياً.

والصراع المسلح في سورية اليوم قائم بين النظام السياسي الذي ولد في عام 1963 بوصول حزب البعث العربي الإشتركي للسلطة وبين أعدائه الذين ينادون بقيام دولة اسلامية مذهبية. ورغم انه قد يوجد بين أعداء الدولة السورية اليوم من لا يطمح بقيام دولة اسلامية إلا أن الأعم والأغلب بين حملة السلاح هم من الإسلام السياسي السني فاذا تمكنوا من الفوز فان سورية تصبح دولة اسلامية أموية. وهذا ينقل سورية التي عاشت لعقود دولة علمانية، حتى أنها كانت الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي التي أوصلت نصرانياً لوزارة الدفاع، الى دولة مغايرة تماما لما اعتادته.

فكيف يمكن لصراع دموي دام أكثر من ستين شهراً قتل فيه أبرياء وذبح فيه أطفال واحرقت فيه مدن أن ينتهي بمفواضات سياسية؟ فعلى أي شيء يمكن للطرفين أن يتفاوضا اذا افترضنا قيام حسن النية للتفاوض؟

فهل سيتخلى البعث المؤمن بحكم الحزب القائد عن دولته العلمانية؟ أم هل سيتخلى الاسلاميون عن الدولة الأسلامية المرجوة والتي لا تؤمن حتى بالحزبية؟

والحقيقة هي أن أياً من الطرفين لن يتخلى عن مشروعه. وحتى لو افترضنا أن الدولة السورية، جدلاً أو رياء، وافقت على الجلوس مع المسلحين للتفاوض فهي على يقين أن كلاً من داعش والنصرة لن يفاوض، وحيث إنهما يشكلان أساس التمرد المسلح فان التفاوض مع أي طرف آخر لن يضع حداً للقتال والدمار.

فما الذي يريده الروس والإيرانيون والأمريكيون من الحديث عن المفاوضات والحل السلمي؟ إن من الواضح أن كل طرف له نظرته بما تعنيه هذه الدعوة للتفاوض. لكنها يبدو جميعاً متفقة على أن في سورية قوى يجب على الدولة والبعث أن يفاوضها. وهذا حد الإتفاق كما يبدو أما تفاصيله وآليته فليس متفق عليها بعد.

فالأمريكيون يريدون أن تفاوض الدولة السورية من تسميهم المعارضة المعتدلة من بقية الجيش الحر الذي كان في يوم ما قوياً وأصبح اليوم شبحاً. وأن يجري هذا التفاوض مع احتفاظ الجيش الحر بسلاحه ومناطق سيطرته الحالية. وليس صعباً فهم رفض الدولة السورية لهذا الطلب فهو ينسجم مع الواقع القائم في العالم في أن ما من دولة تقبل أن تفاوض تمرداً مسلحاً يفرض شروطه عليها من سلاحه وبدعم خارجي. واذا كانت الدولة السورية لم توافق على هذا الطلب الأمريكي حين كان الجيش الحر يسيطر على مساحات شاسعة من سورية فلم توافق عليه الآن وقد تمكنت منه؟ إن طلب أمريكا ميت قبل أن ينادى به! أما اذا كان الأمريكييون يعنون الدفاع عن جبهة النصرة كما فعلوا في التباكي على حلب، والذي انتهى بضمان تركيا وروسيا أمن وسلامة النصرة، فانهم سرعان ما سيفقدون نفاقهم الأخلاقي في الادعاء بمحاربة الارهاب وهم الذين صنفوا النصرة كذلك.

أما الروس فهم يطمحون في تغيير نظام حكم الحزب الواحد كما حدث عندهم بعد سقوط النظام الشيوعي في روسيا وانتقال العدد الكبير من الشيوعيين بما فيهم بوتين ولافروف من الإيمان بحكم الطبقة العاملة الى الإيمان بالنظام الرأسمالي والسوق الحر. لكن هذا التطلع الروسي مبني على فهم ناقص للعقل العربي الإسلامي، وليس هذا مكان بحث هذا النقص في الفهم لعلة منهجية في روسيا، لكنه لا يمكن له أن ينجح فالأشخاص الذين تعتمدهم روسيا من السوريين في حواراتها السياسية لا يمثلون أكثر من أنفسهم وعدد من المجالس والنوادي الفكرية وهم بذلك ليسوا قادرين على اثبات حقهم في المشاركة المتكافئة في الدولية السورية التي امتلكها البعث وصاغها لعقود خمس.

اما الايرانييون فالموقف ليس سهل الإستيعاب. ذلك لأن في ايران ايرانين. أحداهما هي ايران الخامنئي ومن معه (والتي أراها منتهية بوفاة قائدها)  وثانيتهما ايران رفسنجاني ومن معه. وليس لأي منهما القول الفصل في اية قضية. فايران خامنئي يمثلها حزب الله وهو باختصار مع دولة البعث في سورية ليس فقط في التنفيذ بل هو شريك في صنع القرار ووضع الخطط وهكذا يكون موقف ايران خامنئي والذي ما انفك يؤكده في كل مناسبة.

أما ايران رفسنجاني (والذي يمثله روحاني وظريف) فهو ليس مع الإبقاء على نظام البعث في سورية بل قد يرحب بزواله كما فعل وساهم في زواله في العراق ذلك لأن المشروع القومي الذي يجسده البعث هو عقبة أمام مشروع الدولة الفارسية التي يحلم بها رجال ايران رفسنجاني، وهم كثر. لذلك نجد ايران ترى في علاقاتها مع تركيا وروسيا أولوية قبل الحفاظ على سورية وان كانت لا بد وان تبدو أو حتى تعمل على الظهور بانها تدافع عن شيعة العراق ولبنان وسورية وعلوييها أمام الإرهاب الوهابي الذي تمثله داعش والنصرة وذلك لأن هذا مطلب جماهيري في ايران الشيعية ولا يمكن لأي طامح في حكم ايران أن يستمر اذا لم يلبيه.

وهكذا يفهم الإتفاق الذي توصل اليه ظريف، ذو العلاقات الصهيونية، مع وزير خارجية تركيا الصهيوني حول مستقبل سورية والذي راعت فيه ايران مطالب تركيا في لعب دور أساس في النظام السياسي في سورية الغد. ولعل ضعف الدولة السورية، وهي اليوم ضعيفة ولا شك، هو ما يسمح لأصدقائها من روس وإيرانيين بانتهاك سيادتها، وسيادة سورية اليوم منقوصة. وإلا فكيف يجيز ظريف لنفسه أن يعقد اتفاقاً حول سورية بمعزل عن رأي الدولة السورية دون أن يكون في ذلك انتقاص لسيادتها، والسيادة بمفهومها الأبسط هي حق الدولة المطلق في تقرير مسارها. فاذا كان الرد أن ذلك سببه إقرار ايران بوجود معارضة حقيقية في سورية للدولة، فلا يغيبن عن ظريف ان المعارضة في ايران لنظام ولاية الفقيه القائم قد لا تقل حجماً عن المعارضة السورية لنظام البعث. لكن ظروف التأريخ والجغرافية والصراع العربي الصهيوني عجلت بمحاولة تفتيت الدولة السورية قبل الدولة الإيرانية، وان كان هذا الأخير ليس مستبعداً بالكامل.

كما ان الإتفاق الروسي التركي الأخير حول تسوية شرق حلب تم بمعزل كامل عن الدولة السورية. ورغم طول النفس السوري المعروف الا أن سورية أبدت امتعاضها من ذلك حين صرح مندوبها في الأمم المتحدة أن ما من اتفاق حول خروج احد الا بموافقة الحكومة السورية.

وليس من الغريب أن تعمل روسيا وايران على وفق مصالحها في التعامل مع مشروع خراب سورية. الا أن على كل طرف ألا يتمادى في التصرف وكان الدولة السورية تابع لمشاريعه. فما زال في يد سورية من الأبواب التي تستطيع فيها، على ضعفها، أن تغير التوازن في المنطقة فاذا كان الثمن هو قبول الجميع من أعداء وأصدقاء بحتمية خراب سورية فقد تعكس سورية اليوم قرار حافظ الأسد الخاطئ بالتخلي عن حزب العمال الكردستاني فتفتح على أنقرة أبواب جهنم!

وقد تقرر دمشق انه ما دامت سورية قد خربت فلا بأس من تحريك المطالبة بالجولان قبل التفكير باعادة إعمار ما تهدم فلا خوف من هدم المهدم. فان فعلت ذلك فانها تضع حلفاءها أمام خيارات هم في غنى عنها، في وقت يدخل فيه الغرب الصهيوني عقداً من المجهول السياسي في رئيس أمريكي جديد ورئيس فرنسي جديد ونفق مظلم لبريطانيا في كارثة الخروج من الإتحاد الأوربي وهو موضوع قد أعود له باذن الله.

هكذا هي السياسة ويمكن لأي طرف أن يلعب اذا شاء وامتلك القدرة وقبل الثمن.

ان الدولة السورية ماضية في حربها ضد التمرد وهي عازمة أكثر من أي وقت مضى على انهائه بالكامل وبكل أشكاله، أي بمعنى آخر إما القضاء عليه أو نزع سلاح من يرغب أو لا يرغب. وقد قطعت في سبيل ذلك شوطاً بعيداً، واستعادة حلب بالكامل اصدق تمثيل لنجاح الخطة وان كان الثمن باهضاً.

فمن سيشترك في المفاوضات السياسية التي يريدها الروس؟

إن الأطراف التي ستأتي للمفاوضات لا تمتلك شيئاً أكثر من مطالبتها بأن تشارك في السلطة. ولا أعتقد أن الدولة السورية سوف تمانع في ذلك. فهي ستوافق على مشاركة أي طرف لا يريد قتالها في المشروع السياسي المستقبلي. الا أن اغلب الأطراف المشاركة في المفاوضات سوف تصاب بخيبة أمل كبيرة ذلك لأن معظمها، وكما صرح العديد من رجالاتها قبل سنوات، تريد أن يعين مجلس الأمن حكومة جديدة لسورية ويشركهم فيها. وهذا ما لايمكن لسورية أن توافق عليه اليوم كما لم توافق عليه بالأمس. وحالها كحال علي مع معاوية حين كتب له أنه: ما كنت لأعطيك اليوم ما منعتك بالأمس.

فلماذا توافق الدولة السورية وهي في مرحلة بداية الحسم العسكري على ما لم توافق عليه في مرحلة الضعف والهزيمة؟

سوف لن تمانع الدولة السورية في اشتراك المعارضة السياسية في العملية الإنتخابية المقترحة، وهي أي الدولة السورية لن تخاف نتائجها ذلك لأن رصيد البعث قد ارتفع خارج الحركة الإسلامية فالمواطن الذي شهد العنف وما أنتجه الفراغ السياسي من انعدام الأمن وفقدان مقومات الحياة أصبح أكثر قناعة بأن البعث، رغم نواقصه وحتى مع عدائه له، سوف يكون أكثر ضمانا من حركات سياسية جديدة مجهولة الهوية.

سوف يفوز البعث في أية انتخابات حقيقية، وهذه الحقيقة يدركها الأعداء قبل الأصدقاء لذلك كانوا يصرون لسنوات على عدم الموافقة على ترشيح بشار الأسد. لكنه سوف يرشح وسوف يفوز باغلبية أكبر ويومها يفرح المؤمنون. وتسود وجوه حكام الجزيرة والخليج الذين لم ينتخبهم أحد، ووجوه اصدقائهم تجار الحروب الذين أبدعوا جرائم القرن العشرين وهم يدعون تحريمها.

عبد الحق العاني

17 كانون الأول 2016

 

This Post Has One Comment

  1. راسقيه

    اما آن الاوان لرؤية فشل الحركات القومية والعرقية ؟
    هذا عصر التعاون الإنساني الذي يرفض التعصب لغير الحق من اجل مبادئ لاتستند على اتحاد من يريد الخير للانسانية بغض النظر عن دين او هوية
    ما هي مكاسب الحركة القومية غير تفريق الأمة وفسادها؟
    لافضل لعربي عل أعجمي الا بالتقوى…..
    قدرتك على الخير والاخلاص على خدمة المجتمع والإنسانية بالعلم والعمل الصالح هو مايقيم الفرد ويرفع قيمة الاوطان ويحقق وحدة الانسانية

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image