قل ولا تقل / الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائة

  ان اللغة العربية هي أعظم تراث للعرب وأقدسه وأنفسه، فمن استهان بها فكأنما استهان بالأمة العربية نفسها وذلك ذنب عظيم ووهم جسيم أليم. (مصطفى جواد)

قل: عِبْتُ على فلان فِعْلَه

ولا تقل: أعَبْتُ على فلان فِعْلَه

كتب الصفدي: “ويقولون: أعَبْتُ على فلان فِعْلَه. والصواب: عِبْتُ، على مثال بِعْتُ، قال الشاعر:

أنا الرّجُلُ الذي قد عِبْتُموه

وما فيه لِعَيّابٍ مَعـابُ 

وكتب رجلٌ الى صديق له: “وقد أعبتُ عليك كذا”، فكتب جوابه: أما بعدُ، فقد وصل كتابُك، “فعِبْتُ عليك: أعَبْتُ، والسلام”.”

قل: غاظني فِعلُك

ولا تقل: أغاظني فِعلُك

كتب الصفدي: “ويقولون: أغاظني فِعلُك، يُغيظُني. والصواب: غاظَني يَغيظُني، قال الله تعالى: “… هلْ يُذْهِبَنّ كَيْدُهُ ما يَغيظُ”.”

قل: نَجِزَتْ القصيدة

ولا تقل: نَجَزَتْ القصيدة

كتب الحريري: ويقولون: نجزت القصيدة بفتح الجيم، إشارة إلى انقضائها، وليس كذلك لأن معنى نجز بالفتح حضر، ومنه قولهم: بعته ناجزا بناجز، أي حاضرا بحاضر، ونقدا بنقد، فأما إذا كان بمعنى الفناء والانقضاء فالفعل منه نجز بكسر الجيم، ذكر ذلك أبو عبيد الهروي في كتاب الغريبين، والشاهد عليه قول النابغة: 

فكان ربيعا لليتامى وعصمة         فملك أبي قابوس أضحى وقد نَجِز

قل: ليت الشباب يعود

ولا تقل: لعل الشباب يعود

كتب الحريري: ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين الترجي والتمني، والفرق بينهما واضح، وهو أن التمني يقع على ما يجوز أن يكون، ويجوز ألا يكون، كقولهم: ليت الشباب يعود، والترجي يختص بما يجوز وقوعه، ولهذا لا يقال: لعل الشباب يعود، ولأجل افتراقهما في هذا المعنى فرق البصريون من النحويين بينهما في باب الجواب بالفاء، وأجازوا أن تقع الفاء جوابا للتمني في مثل قوله تعالى: “يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما”، ومنعوا أن تقع الفاء جوابا للترجي، وضعفوا قراءة من قرأ “لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلعَ إلى إله موسى” بنصب أطلع ورجحوا قراءة من قرأ بالرفع (فأطلعُ).

قل: هل تميم ابن مرة

ولا تقل: هل تميم بن مرة

كتب الحريري: ومن ذلك أنهم يحذفون الألف من ابن في كل موضع يقع بعد اسم أو كنية أو لقب، وليس ذلك مطردا على ما توهموه، ولا يوجب حذف الألف ما تخيلوه، لأنه إنما تحذف الألف من ابن إذا وقع صفة بين علمين من أعلام الأسماء أو الكنى أو الألقاب ليؤذن بتنزله مع الاسم قبله بمنزلة الاسم الواحد لشدة اتصال الصفة بالموصوف، وحلوله محل الجزء منه ولهذه العلة حذف التنوين من الاسم قبله، فقيل علي بن محمد، كما يحذف من الأسماء المركبة في رامهرمز وبعلبك، فما عدا هذا الموطن وجب إثبات الألف فيه، وذلك في خمسة مواطن. أحدهما إذا أضيف ابن إلى مضمر كقولك: هذا زيد ابنك. والثاني إذا أضيف إلى غير أبيه كقولك: المعتضد بالله ابن أخي المعتمد على الله. والثالث إذا نسب إلى الاب الأعلى، كقولك أبو الحسن ابن المهتدي بالله. والرابع إذا عدل به عن الصفة إلى الخبر، كقولك: إن كعبا ابن لؤي. الخامس إذا عدل به عن الصفة أيضا إلى الاستفهام، كقولك: هل تميم ابن مرة وذلك أن ابنا في الخبر والاستفهام بمنزلة المنفصل عن الاسم الأول، إذ تقدير الكلام إن كعبا هو ابن لؤي وهل تميم هو ابن مرة فأثبتت الألف فيه كما أثبتت في حالة الاستئناف به.

وأضاف الحنفي على ذلك فكتب: “وألحق إليه الصفديّ موضعين آخرين: أحدهما أن يقع ( ابن ) أوّل السطر. والثاني أن يقع بين وصفين دون علمين، كقولك: الفاضل ابن الفاضل.”

قل: ظَنُّ العاقِلِ كِهانة

ولا تقل: ظَنُّ العاقِلِ كَهانة

كتب الصفدي: “ويقولون: الكَهانة. والصواب الكِهانة، بالكسر، ومن أمثالهم: ظَنُّ العاقِلِ كِهانة.”

 وعلق الحنفي على ذلك فكتب: أقول: وعلى عكس ذلك قولهم: الكِفاف، بكسر الكاف. والصواب فتحها. كما ذكره الجوهري.

قل: هو عالم مُبَرِّز

ولا تقل: هو عالم مُبَرَّز

كتب الحنفي: “قال الصقلي: يقولون: فلانٌ عالمٌ مُبَرَّزٌ، بفتح الراء. والصواب كسرها.”

قل: فلانٌ مُفْتَنٌ

ولا تقل: فلانٌ متَفنِّن

كتب الصفدي: “العامة تقول: فلانٌ متَفنِّن. والمتَفَنِّن: الضعيف. والصواب مُفْتَنٌ. وقد افتنّ في الأمر: أخذَ من كلّ فنٍّ، وتفنّن: أخذ من الفَنَنِ، وهو ما لانَ وضَعُف من أعلى الغُصن.”

قل: الأمرُ مُبْتَنَى على كذا  

ولا تقل: الأمرُ مُبْتَنِي على كذا

كتب الحنفي: ويقولون: الأمرُ مُبْتَنِي على كذا، على صيغة المبني للفاعل، ظنّاً منهم أَنّه لازم. والصحيح أنْ يُقالَ: الأمرُ مُبْتَنَى على كذا  على المبني للمفعول، لأنّ أرباب اللغة مطبقون على أنَّ بنى الدار وابتناها بمعنى. 

 

وفوق كل ذي علم عليم!

وللحديث صلة….

عبد الحق العاني

15 كانون الأول 2022

www.haqalani.com

(ملاحظة: جاءني تعليق حول الحلقات السابقة بأن الشرح يطول في عدد من المواضع فوجدت أن أقصر منه وأزيد في عدد الأخطاء في كل حلقة).

اترك تعليقاً


CAPTCHA Image
Reload Image